للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه دين قضيته من عندى إن لم يخلف وفاء، وإن كان له مال فلورثته، لا آخذ منه شيئا، وإن خلف عيالا محتاجين ضائعين فليأتوا إلى فعلى نفقتهم ومؤنتهم» . انتهى.

وفى وجوب قضائه على الإمام من مال المصالح وجهان، لكن قال الإمام: من استدان وبقى معسرا إلى أن مات لم يقض دينه من بيت المال، فإن كان ظلم بالمطل ففيه احتمال، والأولى: لا، والله أعلم.

* ومنها تخيير نسائه- صلى الله عليه وسلم- فى فراقه،

وإمساكهن بعد أن اخترنه فى أحد الوجهين، وترك التزوج عليهن والتبدل بهن مكافأة لهن، ثم نسخ ذلك، لتكون المنة له- صلى الله عليه وسلم- عليهن، قال الله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها «١» . الآية.

واختلف فى تخييره لهن على قولين، أحدهما: أنه خيرهن بين اختيار الدنيا فيفارقهن، واختيار الآخرة فيمسكهن، ولم يخيرهن فى الطلاق، وهذا هو قول الحسن وقتادة، والثانى: أنه خيرهن بين الطلاق والمقام معه، وهذا قول عائشة ومجاهد والشعبى ومقاتل.

[سبب تخييره ص نساءه]

واختلفوا فى السبب الذى لأجله خير- صلى الله عليه وسلم- نساءه على أقوال.

[أحدها: أن الله تعالى خيره بين ملك الدنيا ونعيم الآخرة على الدنيا، فاختار الآخرة]

وقال: «اللهم أحينى مسكينا وأمتنى مسكينا واحشرنى فى زمرة المساكين» «٢» ، فلما اختار ذلك أمره الله تعالى بتخيير نسائه ليكن على مثل اختياره. حكاه أبو القاسم النميرى.

[الثانى:]

لأنهن تغايرن عليه.


(١) سورة الأحزاب: ٢٨.
(٢) صحيح: والحديث أخرجه الترمذى (٢٣٥٢) فى الزهد، باب: ما جاء أن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم، من حديث أنس- رضى الله عنه-، وأخرجه ابن ماجه (٤١٢٦) فى الزهد، باب: مجالسة الفقراء، من حديث أبى سعيد الخدرى- رضى الله عنه-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح الجامع» (١٢٦١) .