شأنا ليس لسائر اللغات.
[حدود قيلت فى المحبة]
وهذا بعض رسوم وحدود قيلت فى المحبة بحسب آثارها وشواهدها، والكلام على ما يحتاج إلى الكلام عليه منها.
[فمنها: موافقة الحبيب فى المشهد والمغيب.]
وهذا موجبها ومقتضاها.
ومنها: محو المحب لصفاته وإثبات المحب لذاته، وهذا من أحكام الفناء فى المحبة، وهى أن تمحى صفات المحب وتفنى فى صفات محبوبه وذاته، وهذا يستدعى بيانا أتم من هذا لا يدركه إلا من أفناه وارد المحبة عنه وأخذه منه.
[ومنها: استقلال الكثير من نفسك، واستكثار القليل من حبيبك،]
وهو لأبى يزيد، وهو أيضا من أحكامها وموجباتها وشواهدها. والمحب الصادق لو بذل لمحبوبه جميع ما يقدر عليه لاستقله واستحيا منه، ولو ناله من محبوبه أيسر شىء لاستكثره واستعظمه.
[ومنها: استكثار القليل من جنايتك، واستقلال الكثير من طاعتك.]
وهو قريب من الأول لكنه مخصوص بما من المحب. ومنها: معانقة الطاعة ومباينة المخالفة، وهو لسهل بن عبد الله، وهو أيضا حكم المحبة وموجبها.
[ومنها: أن تهب كلك لمن أحببت،]
فلا يبقى لك منك شىء. وهو لسيدنا أبى عبد الله القرشى، وهو أيضا من موجبات المحبة وأحكامها. والمراد أن تهب إرادتك وعزماتك وأفعالك ونفسك ومالك ووقتك لمن تحبه، وتجعلها حبسا فى مرضاته ومحابه، ولا تأخذ منها لنفسك إلا ما أعطاكه، فتأخذه منه له.
[ومنها: أن تمحو من القلب ما سوى المحبوب،]
وكمال المحبة يقتضى ذلك، فإنه ما دامت فى القلب بقية لغيره ومسكن لغيره فالمحبة مدخولة.
[ومنها: أن تغار على المحبوب أن يحبه مثلك.]
وهو للشبلى، ومراده:
احتقارك لنفسك واستصغارها أن يكون مثلك ممن يحبه. ومنها: غض طرف المحب عما سوى المحبوب غيرة، وعن المحبوب هيبة، وهذا يحتاج إلى إيضاح، أما الأول فظاهر، وأما الثانى: فإن غض طرف القلب عن المحبوب مع كمال محبته كالمستحيل، ولكن عند استيلاء سلطان المحبة يقع مثل هذا، وذلك من علامات المحبة المقارنة للهيبة والتعظيم.