للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتكليم الذراع، وشكوى البعير، وكذا سائر معجزاته العظام، ولعله لم يتحد بغير القرآن، وتمنى الموت. قالوا: فأف لقول لا يبقى من الآيات ما يسمى معجزة إلا هذين الشيئين، ويلقى معجزات كالبحر المتقاذف بالأمواج، ومن قال: إن هذه ليست بمعجزات ولا آيات فهو إلى الكفر أقرب منه إلى البدعة.

قالوا: وقد كان- صلى الله عليه وسلم- يقول عند ورود آية من هذه الآيات: «أشهد أنى رسول الله» «١» ، كما قال ذلك عند تحققهم مصداق قوله فى الإخبار عن الذى أنكى فى المشركين قتلا فى المعركة: إنه من أهل النار، فقتل نفسه بمحضر ذلك الذى اتبعه من المسلمين. قالوا:

[والوجه الثالث:]

وهو الدافع لهذا القول، قوله تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ «٢» ، وقال تعالى: وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ «٣» فسمى الله تلك المعجزات المطلوبات من الأنبياء آيات، ولم يشترط تحديا من غيره. فصح أن اشتراط التحدى باطل محض، انتهى ملخصا من تفسير الشيخ أبى أمامة بن النقاش. وأجيب: بأنه ليس الشرط الاقتران بالتحدى بمعنى طلب الإتيان بالمثل الذى هو فى المعنى الأصلى للتحدى، بل يكفى للتحدى دعوى الرسالة والله أعلم.

[الرابع من شروط المعجزة: أن تقع على وفق دعوى المتحدى بها]

، فلو قال مدعى الرسالة: آية نبوتى أن تنطق يدى، أو هذه الدابة، فنطقت يده أو الدابة بكذبه فقالت: كذب وليس هو نبى، فإن الكلام الذى خلقه الله تعالى دال على كذب ذلك المدعى، لأن ما فعله الله تعالى لم يقع على وفق دعواه.

كما يروى أن مسيلمة الكذاب- لعنه الله- تفل فى بئر ليكثر ماؤها فغارت


(١) ورد ذلك فى حديث أخرجه البخارى (٥٤٤٣) فى الأطعمة، باب: الرطب والتمر، من حديث جابر بن عبد الله- رضى الله عنهما-.
(٢) سورة الأنعام: ١٠٩.
(٣) سورة الإسراء: ٥٩.