للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ومنها: أن التشبيه إنما هو لأصل الصلاة بأصل الصلاة، لا للقدر بالقدر،]

فهو كقوله تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ «١» ، وهو كقول القائل: أحسن إلى ولدك كما أحسنت إلى فلان، ويريد بذلك أصل الإحسان لا قدره، ومنه قوله تعالى: وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ «٢» ، ورجح هذا القول القرطبى فى «المفهم» .

[ومنها: أن قوله: (اللهم صل على محمد) مقطوع عن التشبيه،]

فيكون التشبيه متعلقا بقوله: (وعلى آل محمد) وتعقب: بأن غير الأنبياء لا يمكن أن يساووا الأنبياء، فكيف يطلب لهم صلاة مثل الصلاة التى وقعت لإبراهيم والأنبياء من آله. ويمكن الجواب عنه: بأن المطلوب الثواب الحاصل لهم، لا جميع الصفات التى كانت سببا للثواب.

وقد نقل العمرانى فى «البيان» عن الشيخ أبى حامد أنه نقل هذا الجواب عن نص الشافعى. واستبعد ابن القيم صحة ذلك عن الشافعى، لأنه مع فصاحته ومعرفته بلسان العرب لا يقول هذا الكلام المستلزم هذا التركيب الركيك البعيد من كلام العرب، كذا قال. وتعقبه الحافظ ابن حجر فقال:

ليس التركيب المذكور ركيكا، بل التقدير: اللهم صل على محمد وصل على آل محمد كما صليت إلخ، فلا يمتنع الشبيه بالجملة الثانية.

[ومنها: رفع المقدمة المذكورة أولا،]

وهى أن المشبه به يكون أرفع من المشبه، وأن ذلك ليس مطردا، بل قد يكون التشبيه بالمثل، بل بالدون، كما فى قوله تعالى: مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ «٣» ، وأين يقع نور المشكاة من نوره تعالى؟ ولكن لما كان المراد من المشبه به أن يكون شيئا ظاهرا واضحا للسامع حسن تشبيه النور بالمشكاة، وكذا هنا: لما كان تعظيم إبراهيم وآل إبراهيم بالصلاة عليهم مشهورا واضحا عند جميع الطوائف حسن أن يطلب لمحمد


(١) سورة النساء: ١٦٣.
(٢) سورة القصص: ٧٧.
(٣) سورة النور: ٣٥.