ومنها: أن الله تعالى هيأ لعباده المؤمنين منازل فى دار كرامته لا تبلغها أعمالهم، فقيض لهم أسباب الابتلاء والمحن ليصلوا إليها.
ومنها: أن الشهادة من أعلى مراتب الأولياء فساقهم إليها.
ومنها: أنه أراد هلاك أعدائه فقيض لهم الأسباب التى يستوجبون بها ذلك من كفرهم وبغيهم وطغيانهم فى إيذاء أوليائه، فمحص ذنوب المؤمنين ومحق بذلك الكافرين.
غزوة حمراء الأسد «١» :
وهى على ثمانية أميال من المدينة على يسار الطريق إذا أردت ذا الحليفة.
وكانت صبيحة يوم الأحد لست عشرة، أو لثمان خلون من شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرا من الهجرة لطلب عدوهم بالأمس، ونادى مؤذن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ألايخرج معنا أحد إلا من حضر يومنا بالأمس، أى من شهد أحدا.
وإنا خرج- عليه الصلاة والسلام- مرهبا للعدو، وليبلغهم أنه خرج فى طلبهم ليظنوا به قوة، وأن الذى أصابهم لم يوهنهم عن عدوهم.
وأقام- صلى الله عليه وسلم- بها الاثنين والثلاثاء والأربعاء، ثم رجع إلى المدينة يوم الجمعة وقد غاب خمسا.
وظفر- صلى الله عليه وسلم- فى مخرجه ذلك بمعاوية بن المغيرة بن أبى العاص فأمر بضرب عنقه صبرا.
قال الحافظ مغلطاى: وحرمت الخمر فى شوال، ويقال فى سنة أربع.
انتهى.
(١) حمراء الأسد: اسم موضع على ثمانية أميال من المدينة عن يسار الطريق إذا أردت ذا الحليفة، وانظر أخبار الغزوة فى «السيرة النبوية» لابن هشام (٢/ ١٢١) ، وابن كثير فى «تفسيره» (١/ ٤٢٨ و ٤٢٩) ، وفى «البداية والنهاية» (٣/ ٩٧) .