للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى الموطأ: أن أبا بكر قال لليهودية التى كانت ترقى عائشة: ارقيها بكتاب الله «١» . قال النووى وقال القاضى عياض: واختلف قول مالك فى رقية اليهودى والنصرانى المسلم، وبالجواز قال الشافعى والله أعلم.

وروى ابن وهب عن مالك كراهية الرقية بالحديدة والملح وعقد الخيط، والذى يكتب خاتم سليمان، وقال: لم يكن ذلك من أمر الناس القديم.

[رقية الذى يصاب بالعين:]

روى مسلم عن ابن عباس قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «العين حق، ولو كان شئ سابق القدر لسبقته العين» «٢» . أى الإصابة بالعين شئ ثابت موجود، وهى من جملة ما تحقق كونه. قال المازرى: أخذ الجمهور بظاهر الحديث، وأنكره طوائف من المبتدعة لغير معنى، لأن كل شئ ليس محالا فى نفسه، ولا يؤدى إلى قلب حقيقة، ولا إلى فساد دليل، فهو من مجوزات العقول. فإذا أخبر الشارع بوقوعه لم يكن لإنكاره معنى. وهل من فرق بين إنكارهم هذا وإنكارهم ما يخبر به من أمور الآخرة. وقد استشكل بعض الناس هذه الإصابة فقال: كيف تعمل العين من بعد حتى يحصل الضرر للمعيون؟

وأجيب: بأن طبائع الناس تختلف، فقد يكون ذلك من سم يصل من عين العائن فى الهواء إلى بدن المعيون، وقد نقل عن بعض من كان معيانا أنه قال: إذا رأيت شيئا يعجبنى وجدت حرارة تخرج من عينى. ويقرب ذلك بالمرأة الحائض تضع يدها فى إناء اللبن فيفسد، ولو وضعتها بعد طهرها لم يفسد. ومن ذلك أن الصحيح قد ينظر إلى العين الرمداء فيرمد.

وقال المازرى: زعم بعض الطبائعيين أن العائن تنبعث من عينيه قوة


(١) أخرجه مالك فى «الموطأ» (٢/ ٩٤٣) بسند منقطع بين عمرة بنت عبد الرحمن الراوية للقصة لأنها لم تدرك أبا بكر- رضى الله عنه-، إلا أنها من أحد الثقات فى عائشة، فلعلها سمعته منها.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٢١٨٨) فى السلام، باب: الطب والمرض والرقى.