للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مغازيه وسراياه وبعوثه «١» صلى الله عليه وسلم

وأذن الله تعالى لرسوله- صلى الله عليه وسلم- بالقتال. قال الزهرى: أول آية نزلت فى الإذن بالقتال أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ «٢» . أخرجه النسائى بإسناد صحيح «٣» .

قال فى البحر: والمأذون فيه- أى فى الآية- محذوف، أى: فى القتال، لدلالة «يقاتلون» عليه، وعلل الإذن: بأنهم ظلموا، كانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم- من بين مضروب ومشجوج، فيقول لهم: اصبروا، فإنى لم أومر بالقتال، حتى هاجر فأذن له بالقتال بعد ما نهى عنه فى نيف وسبعين آية.

انتهى.

وقال غيره: وإنما شرع الله تعالى الجهاد فى الوقت اللائق به، لأنهم لما كانوا بمكة كان المشركون أكثر عددا، فلو أمر المسلمون- وهم قليلون- بقتال الباغين لشق عليهم، فلما بغى المشركون، وأخرجوه- صلى الله عليه وسلم- من بين أظهرهم وهموا بقتله، واستقر- عليه الصلاة والسلام- بالمدينة واجتمع عليه أصحابه، وقاموا بنصره، وصارت المدينة لهم دار إسلام، ومعقلا يلجئون إليه، شرع الله تعالى جهاد الأعداء، فبعث- صلى الله عليه وسلم- البعوث والسرايا وغزا وقاتل هو وأصحابه حتى دخل الناس فى دين الله أفواجا أفواجا.

وكان عدد مغازيه- صلى الله عليه وسلم- التى خرج فيها بنفسه، سبعا وعشرين. قاتل فى تسع منها بنفسه الشريفة- صلى الله عليه وسلم-: بدر، وأحد، والمريسيع، والخندق،


(١) جرى أهل السير والمغازى على تسمية كل حرب حضرها النبى- صلى الله عليه وسلم- بغزوة، وما لم يحضرها بسرية أو بعثا.
(٢) سورة الحج: ٣٩.
(٣) قلت: هو عند النسائى (٦/ ٢) فى الجهاد، باب: وجوب الجهاد، من قول ابن عباس رضى الله عنهما-.