وقد استشكل النووى فى شرح المهذب ذلك، لأن مذهب الشافعى أن مكة فتحت صلحا خلافا لأبى حنيفة فى قوله: إنها فتحت عنوة، وحينئذ فلا خوف. ثم أجاب عنه: بأنه- صلى الله عليه وسلم- صالح أبا سفيان، وكان لا يأمن غدر أهل مكة، فدخلها صلحا وهو متأهب للقتال إن غدروا. انتهى.
وقد ذكرت ما فى فتح مكة من المباحث فى قصة فتحها من المقصد الأول. ثم إن غيره- صلى الله عليه وسلم- إذا لم يكن خائفا، فقال أصحابنا: إن لم يكن ممن يتكرر دخوله، ففى وجوب الإحرام عليه قولان: أصحهما عند أكثرهم:
أنه لا يجب، وقطع به بعضهم، فإن تكرر دخوله كالحطابين ونحوهم ففيه خلاف مرتب وهو أولى بعدم الوجوب وهو المذهب.
وقال الحنابلة بوجوب الإحرام إلا على الخائف وأصحاب الحاجات، وأوجبه المالكية فى المشهور عندهم على غير ذوى الحاجات المتكررة، وأوجبه الحنفية مطلقا إلا من كان داخل الميقات. وقد تحرر أن المشهور من مذهب الشافعى: عدم الوجوب مطلقا. ومن مذاهب الأئمة الثلاثة الوجوب إلا فيما استثنى.
* ومن خصائصه- صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقضى بعلمه من غير خلاف.
وأن يقضى لنفسه ولولده، وأن يشهد لنفسه ولولده. ولا تكره له الفتوى والقضاء فى حال الغضب، كما ذكره النووى فى شرح مسلم، وقد قضى للزبير بشراج الحرة «١» بعد أن أغضبه خصم الزبير. لعصمته- صلى الله عليه وسلم-، فلا يقول فى الغضب إلا كما يقول فى الرضى.
[* وكان له أن يدعو لمن شاء بلفظ الصلاة،]
وليس لنا أن نصلى إلا على نبى أو ملك.
[* وكان له أن يقتل بعد الأمان.]
وأن يلعن من شاء بغير سبب:
واستبعد ذلك.
[* وجعل الله شتمه ولعنه قربة للمشتوم والملعون]
لدعائه- صلى الله عليه وسلم-
(١) موضع معروف بالمدينة، والقصة أخرجها البخارى (٢٣٦٠) فى المساقاة، باب: مسكر الأنهار، ومسلم (٢٣٥٧) فى الفضائل، باب: وجوب اتباعه- صلى الله عليه وسلم-.