للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتج الشافعى بقول ابن عباس: «قرأ نحوا من سورة البقرة» «١» لأنه لو جهر لم يحتج إلى التقدير. وقد روى الشافعى تعليقا عن ابن عباس أنه صلى بجنب النبى- صلى الله عليه وسلم- فى الكسوف فلم يسمع منه حرفا «٢» ، ووصله البيهقى من ثلاثة طرق أسانيدها واهية. وعلى تقدير صحتها فمثبت الجهر معه قدر زائد فالأخذ به أولى.

قال ابن العربى: الجهر عندى أولى، لأنها صلاة جماعة ينادى لها ويخطب فأشبهت العيد والاستسقاء. انتهى ملخصا والله أعلم.

[الفصل الثانى فى صلاته ص صلاة الاستسقاء]

اعلم أن الاستسقاء طلب السقيا من الله تعالى عند الحاجة إليها، كما تقول: استعطى: أى طلب العطاء. ولم يخالف أحد من العلماء فى سنية الصلاة فى الاستسقاء إلا أبو حنيفة محتجا بأحاديث الاستسقاء التى ليس فيها صلاة.

واحتج الجمهور بالأحاديث الثابتة فى الصحيحين وغيرهما: أنه- صلى الله عليه وسلم- صلى الاستسقاء ركعتين «٣» . وأما الأحاديث التى ليس فيها الصلاة، فبعضها محمول على نسيان الراوى، وبعضها كان فى الخطبة للجمعة، وتعقبه صلاة الجمعة فاكتفى بها، ولو لم تصل أصلا كان بيانا لجواز الاستسقاء بالدعاء بلا صلاة، ولا خلاف فى جوازه، وتكون الأحاديث المثبتة للصلاة مقدمة لأن فيها زيادة علم، ولا معارضة بينهما، والاستسقاء أنواع:

الأول: الاستسقاء بصلاة ركعتين وخطبتين، ويتأهب قبله بصدقة وصيام


(١) تقدم.
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٢٩٣) من حديث ابن عباس ولفظه قال صليت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الكسوف فلم أسمع منه فيها حرفا من القرآن.
(٣) تقدم.