للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد استشكل اختصاص فاطمة بذلك، مع أن الغيرة على النبى- صلى الله عليه وسلم- أقرب إلى خشية الافتتان فى الدين، ومع ذلك فكان- صلى الله عليه وسلم- يستكثر من الزوجات، وتوجد منهن الغيرة، ومع ذلك ما راعى- صلى الله عليه وسلم- ذلك فى حقهن، كما راعاه فى حق فاطمة؟

وأجيب: بأن فاطمة كانت إذ ذاك فاقدة من تركن إليه ممن يؤنسها ويزيل وحشتها من أم أو أخت، بخلاف أمهات المؤمنين، فإن كل واحدة منهن كانت ترجع إلى من يحصل لها معه ذلك، وزيادة عليه وهو زوجهن- صلى الله عليه وسلم- لما كان عنده من الملاطفة وتطييب القلوب وجبر الخواطر، بحيث إن كل واحدة منهن ترضى منه لحسن خلقه وجميل خلقه جميع ما يصدر منه، بحيث لو وجد ما يخشى وجوده من الغيرة لزال عن قرب.

ومنها «١» : أنه لا يجتهد فى محراب صلى إليه يمنة ولا يسرة،

وأفتى شيخ الإسلام أبو زرعة ابن العراقى فى شخص امتنع من الصلاة إلى محراب النبى- صلى الله عليه وسلم- وقال: أنا أجتهد وأصلى، بأنه إن فعل ذلك مع الاعتراف بأنه على ما كان فى زمن النبى- صلى الله عليه وسلم- فهو ردة، وإن ذكر تأويلا بأن قال: ليس هو الآن على ما كان عليه فى زمنه- صلى الله عليه وسلم- بل غير عما كان عليه، فهذا سبب اجتهادى، لم يحكم بردته، وإن لم يكن هذا التأويل صحيحا.

ومنها: أن من رآه فى المنام فقد رآه حقّا

فإن الشيطان لا يتمثل به. وفى رواية مسلم «من رآنى فى المنام فسيرانى فى اليقظة أو لكأنما رآنى فى اليقظة، لا يتمثل الشيطان بى» «٢» . قال الحافظ ابن حجر: ووقع عند الإسماعيلى:

«فقد رآنى فى اليقظة» بدل قوله «فسيرانى» ومثله عند ابن ماجه وصححه الترمذى من حديث ابن مسعود «٣» . وفى رواية أبى قتادة- عند مسلم أيضا-


(١) ومنها هنا عائدة على خصائصه- صلى الله عليه وسلم- التى هى موضوع هذا الباب.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٦٩٩٣) فى التعبير، باب: من رأى النبى- صلى الله عليه وسلم- فى المنام، ومسلم (٢٢٦٦) فى الرؤيا، باب: قول النبى- صلى الله عليه وسلم-: «من رآنى فى المنام فقد رآنى» ، من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.
(٣) صحيح: أخرجه الترمذى (٢٢٧٦) فى الرؤيا، باب: ما جاء فى قول النبى- صلى الله عليه وسلم-: «من رآنى فى المنام فقد رآنى» ، وابن ماجه (٣٩٠٠) فى تعبير الرؤيا، باب: رؤية النبى- صلى الله عليه وسلم- فى المنام، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .