للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونازعهم فى ذلك آخرون، وقالوا: هذا موطن يفرد فيه ذكر الله تعالى، كالأكل والشرب والوقاع ونحو ذلك.

[ومنها: عند زيارة قبره الشريف،]

لحديث أبى داود عن أبى هريرة: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «ما من أحد يسلم على إلا رد الله على روحى حتى أرد عليه السلام» «١» . وروى ابن عساكر: «من صلى على عند قبرى سمعته» وورد الأمر بالإكثار منها يوم الجمعة وليلتها، فعن أوس بن أوس الثقفى قال:

قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق الله آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا على من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة على» ، قالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت- يعنى: وقد بليت- قال: «إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» «٢» ، رواه أحمد وأبو داود والنسائى. وقد صحح هذا الحديث ابن خزيمة وابن حبان والدارقطنى.

[الإكثار من الصلاة عليه ليلة الجمعة]

قال الحافظ ابن كثير: وقد روى البيهقى من حديث أبى أمامة عن النبى- صلى الله عليه وسلم- الأمر بالإكثار من الصلاة عليه ليلة الجمعة ويوم الجمعة، ولكن فى إسناده ضعف. فإن قلت: ما الحكمة فى خصوصية الإكثار من الصلاة عليه- صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة وليلتها؟

أجاب ابن القيم بأن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سيد الأنام، ويوم الجمعة سيد الأيام، فللصلاة عليه فيه مزية ليست لغيره، مع حكمة أخرى، وهى أن كل خير نالته أمته فى الدنيا والآخرة فإنما نالته على يده- صلى الله عليه وسلم-، فجمع الله لأمته بين خيرى الدنيا والآخرة، وأعظم كرامة تحصل لهم فإنها تحصل لهم يوم الجمعة، فإن فيه بعثهم إلى منازلهم وقصورهم فى الجنة، وهو يوم المزيد لهم إذا دخلوا الجنة، وهو يوم عيدهم فى الدنيا، ويوم فيه يسعفهم الله تعالى بطلباتهم وحوائجهم، ولا يرد سائلهم، وهذا كله إنما عرفوه وحصل لهم


(١) حسن: أخرجه أبو داود (٢٠٤١) فى المناسك، باب: زيارة القبور، والحديث حسنه الشيخ الألبانى فى «صحيح الجامع» (٥٦٧٩) .
(٢) صحيح: وقد تقدم.