للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن القيم: قضاء السنن الرواتب فى اوقات النهى عام له ولأمته، وأما المداومة على تلك الركعتين فى وقت النهى فخاص به، قال: وقد عد هذا من خصائصه. انتهى. والدليل عليه رواية عائشة: كان يصلى ركعتين بعد العصر وينهى عنهما ويواصل وينهى عن الوصال. لكن قال البيهقى: الذى اختص به- صلى الله عليه وسلم- المداومة على ذلك، لا أصل القضاء.

وأما رواية ابن عباس عند الترمذى: أنه إنما صلاهما بعد العصر لأنه اشتغل بقسمة مال أتاه. فهو من رواية جرير عن عطاء، وقد سمع منه بعد اختلاطه، وإن صح فهو شاهد لحديث أم سلمة، لكن ظاهر قوله: «ثم لم يعد» معارض لحديث عائشة المذكور فى الباب، فيحمل النفى على نفى علم الراوى، فإنه لم يطلع على ذلك، والمثبت مقدم على النافى.

وكذا ما رواه النسائى من طريق أبى سلمة، عن أم سلمة: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى فى بيتها بعد العصر ركعتين مرة واحدة «١» ، الحديث، وفى رواية له عنها: لم أره يصليهما قبل ولا بعد. فيجمع بين الحديثين بأنه- صلى الله عليه وسلم- لم يكن يصليهما إلا فى بيته، فلذلك لم يره ابن عباس ولا أم سلمة. ويشير إلى ذلك قول عائشة فى رواية: «وكان لا يصليهما فى المسجد مخافة أن يثقل على أمته» «٢» .

ومراد عائشة بقولها: «ما كان فى يومى بعد العصر إلا صلى ركعتين» من الوقت الذى شغل عن الركعتين بعد الظهر فصلاهما. ولم ترد أنه كان يصلى بعد العصر من أول ما فرضت الصلوات مثلا إلى آخر عمره، والله أعلم.

[الفرع الخامس فى راتبة المغرب]

عن ابن مسعود قال: ما أحصى ما سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ فى


(١) صحيح: أخرجه النسائى (١/ ٢٨١) فى المواقيت، باب: الرخصة فى الصلاة بعد العصر، من حديث أم سلمة- رضى الله عنها-، والحديث صححه الألبانى فى «صحيح سنن النسائى» .
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٥٩٠) فى مواقيت الصلاة، باب: ما يصلى بعد العصر من الفوائت ونحوها، من حديث عائشة- رضى الله عنها-.