للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه المسألة: فذهب مالك والشافعى وأحمد وإسحاق والجمهور: إلى أن لا يصلى عليهم. وذهب أبو حنيفة إلى الصلاة عليهم كغيرهم، وبه قال المزنى، وهى رواية عن أحمد اختارها الخلال.

وحجة الجمهور: أنه- صلى الله عليه وسلم- لم يصل على قتلى أحد- كما رواه البخارى فى صحيحه عن جابر- وأما هذه الصلاة فالمراد بها الدعاء، وليس المراد بها صلاة الجنازة المعهودة. قال النووى: أى دعا لهم بدعاء صلاة الميت، وأن هذه الصلاة مخصوصة بشهداء أحد، فإنه لم يصل عليهم قبل دفنهم كما هو المعهود من صلاة الجنازة، وإنما صلى عليهم فى القبور بعد ثمان سنين، والحنفية يمنعون الصلاة على القبر مطلقا، ولو كانت الصلاة عليهم واجبة لما تركها فى الأول.

ثم إن الشافعية اختلفوا فى معنى قولهم: لا يصلى على الشهيد، فقال أكثرهم: معناه: تحريم الصلاة عليه، وهو الصحيح عندهم. وقال آخرون:

معناه: لا تجب الصلاة عليه. لكن تجوز. وذكر ابن قدامة: أن كلام أحمد فى الرواية التى قال فيها يصلى عليهم: يشير إلى أنها مستحبة غير واجبة.

قال ابن القاسم صاحب مالك: إنه لا يصلى على الشهيد فيما إذا كان المسلمون هم الذين غزوا الكفار، فإن كان الكفار هم الذين غزوا المسلمين فيصلى عليهم.

[الفرع الرابع فى صلاته ص على الغائب]

عن جابر أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: «قد توفى اليوم رجل صالح من الحبش، فهلم فصلوا عليه» ، قال: فصففنا فصلى النبى- صلى الله عليه وسلم- ونحن وراءه «١» . رواه


(١) صحيح: أخرجه البخارى (١٣٢٠) فى الجنائز، باب: الصفوف على الجنائز، من حديث جابر بن عبد الله.