للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[والثالث: لأن أزواجه طالبنه وكان غير مستطيع،]

فكان أولهن أم سلمة سألته سترا معلما، وسألته ميمونة حلة يمانية، وسألته زينب ثوبا مخططا وهو البرد اليمانى، وسألته أم حبيبة ثوبا سحوليّا، وسألته كل واحدة شيئا إلا عائشة. حكاه النقاش.

والرابع: أن أزواجه- صلى الله عليه وسلم- اجتمعن يوما فقلن: نريد ما تريد النساء من الحلى

فأنزل الله تعالى آية التخيير، حكاه النقاش أيضا. وذلك أنه لما نصر الله تعالى رسوله وفتح عليه قريظة والنضير، ظن أزواجه أنه اختص بنفائس اليهود، وذخائرهم، فقعدن حوله وقلن: يا رسول الله، بنات كسرى وقيصر فى الحلى والحلل، ونحن على ما تراه من الفاقة والضيق. وآلمن قلبه بمطالبتهن له بتوسعة الحال، وأن يعاملن بما يعامل به الملوك والأكابر أزواجهم، فأمره الله أن يتلو عليهن ما نزل فى أمرهن لئلا يكون لأحد منهن عليه منة فى الصبر على ما اختاره من خشونة العيش.

فلما اخترنه وصبرن معه عوضهن الله على صبرهن بأمرين: أحدهما، أن جعلهن أمهات المؤمنين تعظيما لحقهن وتأكيدا لحرمتهن، وتفضيلهن على سائر النساء بقوله: لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ «١» ، والثانى: أن حرم الله عليه طلاقهن والاستبدال بهن فقال تعالى: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ «٢» . الآية. فكان تحريم طلاقهن مستداما، وأما تحريم التزوج عليهن فنسخ، قالت عائشة: ما مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى أحل الله له النساء، يعنى اللاتى حرمن عليه، وقيل: الناسخ لتحريمهن قوله تعالى: إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ «٣» . الآية.

وقال النووى فى الروضة: لما خيرهن فاخترنه كافأهن على حسن صنيعهن بالجنة فقال: فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً «٤» .

انتهى.


(١) سورة الأحزاب: ٣٢.
(٢) سورة الأحزاب: ٥٢.
(٣) سورة الأحزاب: ٥٠.
(٤) سورة الأحزاب: ٢٩.