للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على من أطلق- كابن رشيد- أنه- صلى الله عليه وسلم- لم يصل فى كسوف القمر، ومنهم من أول قوله: «صلى» أى أمر بالصلاة، جمعا بين الروايتين.

وقال ابن القيم فى «الهدى» : لم ينقل أنه- صلى الله عليه وسلم- صلى فى كسوف القمر فى جماعة، لكن حكى ابن حبان فى السيرة له: أن القمر خسف فى السنة الخامسة، فصلى النبى- صلى الله عليه وسلم- بأصحابه صلاة الكسوف، فكانت أول صلاة كسوف فى الإسلام، وهذا إن ثبت انتفى التأويل المذكور. وقد جزم به مغلطاى فى سيرته المختصرة، وتبعه الحافظ زين الدين العراقى فى نظمها.

وفى البخارى من حديث عائشة: جهر النبى- صلى الله عليه وسلم- فى صلاة الخسوف بقراءته. فإذا فرغ من قراءته كبر فركع، فإذا فرغ من الركعة قال: «سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد» ثم يعاود القراءة فى صلاة الكسوف، أربع ركعات وأربع سجدات «١» .

واستدل به على الجهر فيها بالنهار، وحمله جماعة ممن لم ير ذلك على كسوف القمر. قال الحافظ ابن حجر: وليس بجيد، لأن الإسماعيلى روى هذا الحديث من وجه آخر عن الوليد بلفظ كسفت الشمس فى عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، وفى مسند أبى داود الطيالسى أنه- صلى الله عليه وسلم- جهر بالقراءة فى صلاة الكسوف «٢» . وقد ورد فيها عن على مرفوعا وموقوفا. أخرجه ابن خزيمة وغيره.

وقال به صاحبا أبى حنيفة وأحمد وإسحاق وابن خزيمة وابن المنذر وغيرهما من محدثى الشافعية وابن العربى من المالكية. وقال الطبرى:

يخير بين الجهر والإسرار. وقال الأئمة الثلاثة: يسر فى الشمس ويجهر فى القمر.


(١) صحيح: أخرجه البخارى (١٠٤٧) فى الجمعة، باب: هل يقول كسفت الشمس أو خسفت، وأبو داود (١١٨٠) فى الصلاة، باب: من قال أربع ركعات. من حديث عائشة- رضى الله عنها-.
(٢) أخرجه أبو داود الطيالسى (١٤٦٦) من حديث عائشة- رضى الله عنها-.