للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما قالوا: مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ «١» قال الله تعالى: وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ «٢» . ولما حسدته أعداء الله اليهود على كثرة النكاح والزوجات، وقالوا: ما همته إلا النكاح، رد الله تعالى عليهم عن رسوله ونافح عنه فقال:

أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً «٣» .

ولما استبعدوا أن يبعث الله رسولا من البشر بقولهم الذى حكى الله عنهم: وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا «٤» وجهلوا أن التجانس يورث التانس، وأن التخالف يورث التباين.

قال الله تعالى: قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا «٥» أى لو كانوا ملائكة لوجب أن يكون رسولهم من الملائكة، لكن لما كان أهل الأرض من البشر وجب أن يكون رسولهم من البشر.

فما أجل هذه الكرامة، وقد كانت الأنبياء إنما يدافعون عن أنفسهم، ويردون على أعدائهم، كقول نوح- عليه الصلاة والسلام-: يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ «٦» . وقول هود لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ «٧» وأشباه ذلك.


(١) سورة الفرقان: ٧.
(٢) سورة الفرقان: ٢٠.
(٣) سورة النساء: ٥٤.
(٤) سورة الإسراء: ٩٤.
(٥) سورة الإسراء: ٩٥.
(٦) سورة الأعراف: ٦١.
(٧) سورة الأعراف: ٦٧.