للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى حديث أم هانئ- عند الطبرانى- أنه بات فى بيتها، قالت: ففقدته من الليل، فقال: «إن جبريل أتانى» «١» .

والجمع بين هذه الأقوال- كما فى فتح البارى «٢» - أنه بات فى بيت أم هانئ، وبيتها عند شعب أبى طالب، ففرج سقف بيته، وأضاف البيت إليه لكونه كان يسكنه، فنزل منه الملك فأخرجه من البيت إلى المسجد، فكان به مضطجعا وبه أثر النعاس، ثم أخذه الملك فأخرجه من المسجد، فأركبه البراق. قال: وقد وقع فى مرسل الحسن عند ابن إسحاق أن جبريل أتاه فأخرجه إلى المسجد فأركبه البراق، وهو يؤيد هذا الجمع.

فإن قيل: لم فرج سقف بيته- صلى الله عليه وسلم- ونزل منه الملك، ولم لم يدخل عليه من الباب، مع قوله تعالى: وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها «٣» .

أجيب: بأن الحكمة من ذلك أن الملك انصب من السماء انصبابة واحدة، ولم يعرج على شىء سواه، مبالغة فى المفاجأة، وتنبيها له على أن الطالب وقع على غير ميعاد، كرامة له- صلى الله عليه وسلم-.

وهذا بخلاف موسى- عليه الصلاة والسلام-، فكانت كرامته بالمناجاة عن ميعاد واستعداد بخلاف نبينا- صلى الله عليه وسلم- فإنه حمل عنه ألم الانتظار، كما حمل عنه ألم الاعتذار. ويؤخذ من هذا: أن مقام نبينا- صلى الله عليه وسلم- بالنسبة إلى مقام موسى- عليه السّلام- مقام المراد بالنسبة إلى مقام المريد. ويحتمل أن يكون توطئة وتمهيدا لكونه فرج عن صدره، فأراه الملك بإفراجه عن السقف ثم التأم السقف على الفور كيفية ما يصنع به، وقرب له الأمر فى نفسه بالمثال المشاهد فى بيته، لطفا فى حقه- صلى الله عليه وسلم- وتثبيتا لصبره، والله أعلم.

* وقوله: (مضطجعا) زاد فى بدء الخلق (بين النائم واليقظان) وهو


(١) ضعيف: ذكره الهيثمى فى «المجمع» (١/ ٧٥، ٧٦) وقال: رواه الطبرانى فى الكبير، وفيه عبد الأعلى بن أبى المساور، متروك كذاب.
(٢) (٧/ ٢٠٤) .
(٣) سورة البقرة: ١٨٩.