للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تشنيع الخطابى وغيره بأن شريكا خالف الإجماع فى دعواه أن المعراج كان قبل البعثة، وأقوى ما يستدل به على أن المعراج كان بعد البعثة، قوله فى هذا الحديث نفسه: أن جبريل قال لبواب السماء إذ قال له: أبعث؟ قال: نعم، فإنه ظاهر فى أن المعراج كان بعد البعثة.

* ووقع فى رواية ميمون بن سياه- عند الطبرانى-: فأتاه جبريل وميكائيل، فقالا: أيهم؟ وكانت قريش تنام حول الكعبة، فقال: أمرنا بسيدهم، ثم ذهبا، ثم جاؤوه وهم ثلاثة. وفى رواية مسلم: سمعت قائلا يقول: أحد الثلاثة بين الرجلين، فأتيت فانطلق بى. والمراد بالرجلين: حمزة وجعفر وكان النبى- صلى الله عليه وسلم- نائما بينهما.

* وقوله: «فقد» بالقاف والدال المهملة الثقيلة. «من ثغره» بضم المثلاثة وسكون الغين المعجمة، وهو الموضع المنخفض الذى بين الترقوتين. «إلى شعرته» بكسر الشين المعجمة، أى شعر العانة الشريفة. وفى رواية مسلم: إلى أسفل بطنه. وفى رواية البخارى: إلى مراق البطن. وفى رواية شريك- عنده-: فشق جبريل ما بين نحره إلى لبته- بفتح اللام وتشديد الموحدة- وهو موضع القلادة من الصدر.

وقد أنكر القاضى عياض فى «الشفاء» وقوع شق صدره الشريف ليلة الإسراء، وقال: إنما كان وهو صبى قبل الوحى فى بنى سعد. ولا إنكار فى ذلك- كما قاله الحافظ أبو الفضل العسقلانى- رحمه الله- فقد تواترت الروايات به، وثبت شق الصدر أيضا عند البعثة، كما أخرجه أبو نعيم فى الدلائل، ولكل منها حكمة:

فالأول: وقع فيه من الزيادة كما عند مسلم من حديث أنس: فأخرج علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك «١» . وكان هذا فى زمن الطفولية، فنشأ على أكمل الأحوال من العصمة من الشيطان. ولعل هذا الشق كان سببا فى


(١) صحيح: والحديث أخرجه مسلم (١٦١) فى الإيمان، باب: الإسراء برسول الله- صلى الله عليه وسلم- وفرض الصلوات، من حديث أنس- رضى الله عنه-.