للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويشهد له قول أنس فى حديث عند مسلم- يأتى فى ذكر قلبه الشريف، من المقصد الثالث، إن شاء الله تعالى-: فلقد كنت أرى أثر المخيط فى صدره «١» .

لكن أجيب: بأن فى حديث عتبة بن عبد السلمى «٢» - عند أحمد والطبرانى- أن الملكين لما شقا صدره قال أحدهما للآخر: خطه، فخاطه وختم عليه بخاتم النبوة، فلما ثبت أن خاتم النبوة بين كتفيه حمل القاضى عياض ذلك على أن الشق لما وقع فى صدره، ثم خيط حتى التأم كما كان، ووقع الختم بين كتفيه كان ذلك أثر الختم. وفهم النووى وغيره منه: أن قوله بين كتفيه متعلق بالشق وليس كذلك، بل هو متعلق بأثر الختم، وحينئذ فليس ما قاله القاضى عياض بباطل، انتهى «٣» .

وقال السهيلى: والصحيح أنه- يعنى خاتم النبوة- كان عند نغض كتفه الأيسر.

واختلف هل ولد به؟ أو وضع بعد ولادته؟ على قولين.

وقد وقع التصريح بوقت وضع الخاتم، وكيف وضع، ومن وضعه، فى حديث أبى ذر عند البزار وغيره قال: قلت يا رسول الله: كيف علمت أنك نبى، وبم علمت أنك نبى حتى استيقنت؟ قال: «أتانى آتيان، وفى رواية ملكان، وأنا ببطحاء مكة، فوقع أحدهما بالأرض، وكان الآخر بين السماء والأرض، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو؟ قال: هو هو، قال: فزنه برجل» الحديث «٤» . وفيه: ثم قال أحدهما لصاحبه: شق بطنه، فشق بطنى فأخرج


(١) صحيح: أخرجه مسلم (١٦١) فى الإيمان، باب: الإسراء برسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى السماوات.
(٢) هو: الصحابى الجليل، عتبة بن عبد، السّلمى، أبو الوليد، صاحب النبى- صلى الله عليه وسلم-، كان اسمه عتلة، فسماه النبى- صلى الله عليه وسلم- عتبة، مات سنة (٨٧ هـ) ، وحديثه فى المسند والطبرانى لم أقف عليه.
(٣) انظر «فتح البارى» (٦/ ٥٦١) حيث إن الكلام منقول منه.
(٤) ذكره الهيثمى فى «المجمع» (٨/ ٢٥٥- ٢٥٦) وقال: رواه البزار، وفيه جعفر بن عبد الله عثمان بن كبير، وثقه أبو حاتم الرازى وابن حبان، وتكلم فيه العقيلى، وبقية رجاله رجال الصحيح.