فروى الطبرى بسنده عن عائشة أن النبى- صلى الله عليه وسلم- نزل الحجون كئيبا حزينا، فأقام به ما شاء الله عز وجل، ثم رجع مسرورا، قال: «سألت ربى فأحيا لى أمى، فامنت بى ثم ردها» «١» .
ورواه أبو حفص بن شاهين فى كتاب: «الناسخ والمنسوخ» له، بلفظ، قالت عائشة: حج بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع، فمر بى على عقبة الحجون، وهو باك حزين مغتم، فبكيت لبكائه، ثم إنه نزل فقال: «يا حميراء استمسكى» فاستندت إلى جنب البعير، فمكثت مليّا، ثم عاد إلى وهو فرح متبسم فقال: «ذهبت لقبر أمى فسألت ربى أن يحييها، فأحياها فامنت بى» «٢» .
وكذا روى من حديث عائشة أيضا إحياء أبويه- صلى الله عليه وسلم- حتى آمنا به.
أورده السهيلى، وكذا الخطيب فى السابق واللاحق.
وقال السهيلى: إن فى إسناده مجاهيل.
وقال ابن كثير: إنه حديث منكر جدّا، وسنده مجهول.
وقال ابن دحية: هذا الحديث موضوع يرده القرآن والإجماع. انتهى.
وقد جزم بعض العلماء: أن أبويه- صلى الله عليه وسلم- ناجيان، وليسا فى النار، متمسكا بهذا الحديث وغيره.
وتعقبه عالم آخر: بأنه لم ير أحدا صرح بأن الإيمان بعد انقطاع العمل بالموت ينفع صاحبه، فإن ادعى أحد الخصوصية فعليه الدليل. انتهى.
وقد سبقه لذلك، أبو الخطاب بن دحية، وعبارته: من مات كافرا لم ينفعه الإيمان بعد الرجعة، بل لو آمن عند المعاينة لم ينفعه ذلك، فكيف بعد الإعادة. انتهى.
وتعقبه القرطبى فى «التذكرة» : بأن فضائله- صلى الله عليه وسلم- وخصائصه لم تزل
(١) قال الحافظ ابن كثير فى «تفسيره» إنه منكر جدّا، وإن كان ممكنا بالنظر إلى قدرة الله تعالى، ولكن ثبت فى الصحيح ما يعارضه. انظر «كشف الخفاء» (١٥٠) .
(٢) منكر: ذكره السيوطى فى «اللآلئ المصنوعة» (١/ ١٣٨) .