للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله- صلى الله عليه وسلم- أحب إلى أن أصل من قرابتى «١» ، فلما تضمن هذا الحديث ذلك الشبه الكريم جرنى الكلام إليه، وهذا وقع لى كثير فى هذا المجموع لكنه لا يخلو عن فرائد الفوائد.

وقد روى أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: «العباس بن عبد المطلب منى وأنا منه، لا تؤذوا العباس فتؤذنى، من سب العباس فقد سبنى» «٢» أخرجه البغوى فى معجمه. وقال- صلى الله عليه وسلم- للعباس أيضا: «والذى نفسى بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله» ، ثم قال: «أيها الناس، من آذى عمى فقد آذانى، فإنما عم الرجل صنو أبيه» «٣» رواه الترمذى وقال: حسن صحيح.

وفى قوله: «لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم» الإشارة إلى الإيمان الحقيقى المنجى، وهو التصديق القلبى، وبين المحبة والإيمان ارتباط من جهة أن المحبة ميل القلب إلى المحبوب، والإيمان التصديق القلبى، فيجتمعان فى القلب، وجعلهما متلازمين، فيلزم من نفى أحدهما نفى الآخر، ثم علل هذه المحبة بكونها لله ولرسوله، فلا عبرة بمحبة تكون لغير ذلك، ثم جعل أذاه كأذى نفسه، لأنه عضوه وعصبه، ثم عظم مقامه بتنزيله منزلة الأب، فكما أنه يجب على الولد تعظيم والده والقيام بحقوقه فكذلك عمه، فقال:

«وإنما عم الرجل صنو أبيه» وهو بكسر الصاد المهملة وسكون النون، أى:

مثل أبيه، قال ابن الأثير: وأصله أن تطلع نخلتان من عرق واحد، يريد أن أصل العباس وأصل أبى واحد، انتهى.

وجلله- صلى الله عليه وسلم- وبنيه بكساء ثم قال: «اللهم اغفر للعباس وولده مغفرة ظاهرة وباطنة لا تغادر ذنبا، اللهم احفظه فى ولده» «٤» رواه الترمذى وقال:


(١) صحيح: وقد تقدم قريبا.
(٢) أخرجه ابن عساكر عن ابن عباس، كما فى «كنز العمال» (٣٣٤٠٧) .
(٣) ضعيف: أخرجه الترمذى (٣٧٥٨) فى المناقب، باب: مناقب العباس بن عبد المطلب- رضى الله عنه-، وأحمد فى «المسند» (١/ ٢٠٧) و (٤/ ١٦٥) والحديث ضعفه الشيخ الألبانى إلا طرفه الأخير.
(٤) حسن: أخرجه الترمذى (٣٧٦٢) فيما سبق، والحديث حسنه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .