فتزوجها- عليه السّلام-، وأصدقها عشرين بكرة «١» ، وحضر أبو طالب ورؤساء مضر، فخطب أبو طالب فقال:
الحمد لله الذى جعلنا من ذرية إبراهيم، وزرع إسماعيل، وضئضىء معد، وعنصر مضر، وجعلنا حضنة بيته، وسواس حرمه، وجعل لنا بيتا محجوجا، وحرما آمنا، وجعلنا الحكام على الناس، ثم إن ابن أخى هذا، محمد بن عبد الله، لا يوزن برجل إلا رجح به، فإن كان فى المال قل، فإن المال ظل زائل، وأمر حائل، ومحمد ممن قد عرفتم قرابته، وقد خطب خديجة بنت خويلد وبذل لها من الصداق ما آجله وعاجله من مالى كذا، وهو- والله- بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل، فزوجها.
والضئضىء: الأصل.
وحضنة بيته: أى الكافلين له والقائمين بخدمته.
وسواس حرمه: أى: متولى أمره.
قال: ابن إسحاق: وزوجه إياها خويلد.
وقد ذكر الدولابى وغيره: أن النبى- صلى الله عليه وسلم- أصدق خديجة اثنتى عشرة أوقية ذهبا ونشا.
قالوا: وكل أوقية أربعون درهما. والنش: نصف أوقية.
ولما بلغ خمسا وثلاثين سنة، خافت قريش أن تنهدم الكعبة من السيول، فأمروا باقوم- بموحدة فألف فقاف مضمومة فواو ساكنة فميم- النجار النبطى مولى سعيد بن العاصى، وصانع المنبر الشريف، بأن يا بنى الكعبة المعظمة.
وحضر- صلى الله عليه وسلم- وكان ينقل معهم الحجارة، وكانوا يضعون أزرهم على عواتقهم، ويحملون الحجارة، ففعل ذلك- صلى الله عليه وسلم- فلبط به- بالموحدة، كعنى أى سقط من قيامه كما فى القاموس- ونودى: عورتك، فكان ذلك أول ما نودى. فقال له أبو طالب أو العباس: يابن أخى اجعل إزارك على رأسك، فقال: ما أصابنى إلا من التعرى.
(١) انظر القصة فى «السيرة» لابن هشام (١/ ٢٠١) ، والبكرة: الفتية من الإبل.