للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما اللفظة الثالثة: وهى ذوو القربى، فروى الواحدى فى تفسيره بسنده عن ابن عباس قال: لما نزل قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى «١» قالوا: يا رسول الله، من هؤلاء الذين أمرنا الله تعالى بمودتهم؟ قال: «على وفاطمة وابناهما» .

وأما اللفظة الرابعة: وهى عترته، فقيل العشيرة، وقيل الذرية، فأما العشيرة فهى الأهل الأولون، وأما الذرية: فنسل الرجل، وأولاد بنت الرجل ذريته، ويدل عليه قوله تعالى: وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ إلى قوله:

وَعِيسى «٢» ، ولم يتصل عيسى بإبراهيم إلا من جهة أمه مريم.

فهذه الذرية الطاهرة، قد خصوا بمزايا التشريف، وعموا بواسطة السيدة فاطمة بفضل منيف، وألبسوا رداء الشرف، ومنحوا بمزيد الإكرام والتحف.

وقد وقع الاصطلاح على اختصاصهم من بين ذوى الشرف كالعباسيين والجعافرة بالشطفة الخضراء، لمزيد شرفهم.

والسبب فى ذلك- كما قيل- أن المأمون أراد أن يجعل الخلافة فى بنى فاطمة فاتخذ لهم شعارا وألبسهم ثيابا خضرا- لكون السواد شعار العباسيين، والبياض شعار سائر المسلمين فى جمعهم ونحوها، والأحمر مختلف فى كراهته، والأصفر شعار اليهود باخرة. ثم انثنى عزمه عن ذلك، ورد الخلافة لبنى العباس، فبقى ذلك شعار الأشراف العلويين من الزهراء، لكنهم اختصروا الثياب إلى قطعة من ثوب أخضر توضع على عمائمهم شعارا لهم ثم انقطع ذلك إلى أواخر القرن الثامن.

قال فى حوادث سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة من «أنباء الغمر بأبناء العمر» : وفيها أمر السلطان الأشرف أن يمتازوا عن الناس بعصائب خضر على العمائم، ففعل ذلك بمصر والشام وغيرهما، وفى ذلك يقول الأديب أبو عبد الله بن جابر الأندلسى:


(١) سورة الشورى: ٢٣.
(٢) سورة الأنعام: ٨٤، ٨٥.