وإذا علمت هذا، فاعلم أن ضرر الذنوب فى القلوب كضرر السموم فى الأبدان، على اختلاف درجاتها فى الضرر. وهل فى الدنيا والآخرة شر وداء إلا وسببه الذنوب والمعاصى، فللمعاصى من الآثار القبيحة المذمومة والمضرة بالقلب والبدن والدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله.
فمنها: حرمان العلم، فإن العلم نور يقذفه الله فى القلب، والمعصية تطفئ ذلك النور، وللإمام الشافعى- رضى الله عنه-:
شكوت إلى وكيع سوء حفظى ... فأرشدنى إلى ترك المعاصى
وقال اعلم بأن العلم نور ... ونور الله لا يؤتاه عاصى
ومنها: وحشة يجدها العاصى فى قلبه، بينه وبين الله، لا يوازيها ولا يقاربها لذة.
ومنها: تعسير أموره عليه، فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقا دونه، أو متعسرا عليه.
ومنها: ظلمة يجدها فى قلبه حقيقة يحس بها، كما يحس بظلمة الليل البهيم إذا أدلهم، وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته حتى يقع فى البدع والضلالات والأمور المهلكة وهو لا يشعر، ثم تقوى هذه الظلمة حتى تعلو الوجه وتصير سوادا فيه، يراها كل أحد.
ومنها: أنها توهن القلب والبدن.
ومنها: حرمان الطاعة، وتقصير العمر، ومحق البركة، ولا يمتنع زيادة العمر بأسباب، كما ينقص بأسباب، وقيل: بتأثير المعاصى فى محق العمر إنما
(١) حسن: أخرجه أحمد فى «المسند» (٥/ ٢٧٧ و ٢٨٠ و ٢٨٢) ، وابن حبان فى «صحيحه» (٨٧٢) من حديث ثوبان- رضى الله عنه-، وقال شعيب الأرناؤوط: حديث حسن. اهـ. وانظر «ضعيف الجامع» (١٤٥٢) .