للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاوزه أوهى القوة وأحدث ضررا آخر، فكأنه شرب منه أولا مقدارا لا يفى بمقاومة الداء، فأمره بمعاودة سقيه، فلما تكررت الشربات بحسب مادة الداء برأ بإذن الله تعالى.

وفى قوله- صلى الله عليه وسلم-: «وكذب بطن أخيك» إشارة إلى أن هذا الدواء نافع، وأن بقاء الداء ليس لقصور الدواء فى الشفاء، ولكن لكثرة المادة الفاسدة، فمن ثم أمره بمعاودة شرب العسل لاستفراغها.

وقال بعضهم: إن العسل تارة يجرى سريعا إلى العروق وينفذ معه جل الغذاء ويدر البول فيكون قابضا، وتارة يبقى فى المعدة فيهيجها بلذعة لها حتى تدفع ويسهل البطن فيكون مسهلا، فإنكار وصفه بالمسهل مطلقا قصور من المنكر. وقال ابن الجوزى: فى وصفه- صلى الله عليه وسلم- العسل لهذا المسهل أربعة أقوال:

أحدها: أن حمل الآية على عمومها فى الشفاء أولى، وإلى ذلك أشار بقوله: صدق الله، أى فى قوله: فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ «١» فلما نبه على هذه الحكمة تلقاها بالقبول فشفى بإذن الله تعالى.

الثانى: أن الوصف المذكور على المألوف من عادتهم من التداوى بالعسل من الأمراض كلها.

الثالث: أن الموصوف له ذلك كانت به هيضة، كما تقدم تقريره.

الرابعة: يحتمل أن يكون أمره بطبخ العسل قبل شربه، فإنه يعقد البلغم، فلعله شربه أولا بغير طبخ، انتهى.

والثانى والرابع ضعيفان: ويؤيد الأول حديث ابن مسعود: «عليكم بالشفاءين العسل والقرآن» «٢» أخرجه ابن ماجه والحاكم مرفوعا، وأخرجه


(١) سورة النحل: ٦٩.
(٢) ضعيف: أخرجه ابن ماجه (٣٤٥٢) فى الطب، باب: العسل، والحاكم فى «المستدرك» (٤/ ٢٢٢ و ٢٢٣ و ٤٤٧) ، والبيهقى فى «الكبرى» (٩/ ٣٤٤) وقال البيهقى: رفعه غير معروف، والصحيح موقوف، ورواه وكيع عن سفيان موقوفا. ا. هـ. قلت: ولعل ذلك هو الصواب.