للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* الثالثة: كان يتمثل له الملك رجلا، فيخاطبه حتى يعى عنه ما يقول له، فقد كان يأتيه فى صورة دحية الكلبى «١» . رواه النسائى بسند صحيح من حديث ابن عمر.

قلت: وكان دحية جميلا وسيما، إذا قدم لتجارة خرجت الظعن لتراه.

فإن قلت: إذا لقى جبريل النبى- صلى الله عليه وسلم- فى صورة دحية، فأين تكون روحه؟ فإن كانت فى الجسد الذى له ستمائة جناح، فالذى أتى لا روح جبريل ولا جسده، وإن كانت فى هذا الذى هو فى صورة دحية فهل يموت الجسد العظيم أم يبقى خاليا من الروح المنتقلة عنه إلى الجسد المشبه بجسد دحية.

أجيب- كما ذكره العينى «٢» - بأنه لا يبعد ألايكون انتقالها موجب موته، فيبقى الجسد حيّا، لا ينقص من معارفه شىء ويكون انتقال روحه إلى الجسد الثانى كانتقال أرواح الشهداء إلى أجواف طير خضر، وموت الأجساد بمفارقة الأرواح ليس بواجب عقلا، بل بعادة أجراها الله تعالى فى بنى آدم، فلا تلزم فى غيرهم. انتهى.

* الرابعة: كأن يأتيه فى مثل صلصلة الجرس، وكان أشده عليه، حتى إن جبينه ليتفصد عرقا فى اليوم الشديد البرد، حتى إن راحلته لتبرك به فى


(١) قلت: أخرجه بنحوه البخارى (٢) فى بدء الوحى، باب: كيف كان بدء الوحى إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، ومسلم (٢٣٣٣) فى الفضائل، باب: عرق النبى- صلى الله عليه وسلم- فى البرد وحين يأتيه الوحى، من حديث عائشة- رضى الله عنها-، وبخصوص تشبيهه بصورة دحية الكلبى فقد ورد ذلك أثناء حديث أخرجه مسلم (١٦٧) فى الإيمان، باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم- إلى السماوات، من حديث جابر، ولم أقف على لفظ المصنف من النسائى كما ذكر.
(٢) هو: أبو محمد، محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد، بدر الدين العينى، فقيه حافظ مؤرخ، توفى بالقاهرة سنة (٨٥٥ هـ) ، وكان من أقران الحافظ ابن حجر العالم المشهور، إلا أنه كان حنفى المذهب.