قال النووى: معنى الحديث، أنه أخذ من ريق نفسه: على أصبعه السبابة، ثم وضعها على التراب فعلق بها شئ منه، ثم مسح به على الموضع العليل أو الجرح قائلا الكلام المذكور فى حالة المسح.
وقال القرطبى: زعم بعض الناس أن السر فيه أن تراب الأرض لبرودته ويبسه يبرئ الموضع الذى به الألم، ويمنع انصباب المواد إليه ليبسه، مع منفعته فى تجفيف الجراح واندمالها. وقال فى الريق: إنه يختص بالتحليل والإنضاج وإبراء الجرح والورم، ولا سيما من الصائم والجائع.
وتعقبة القرطبى: بأن ذلك إنما يتم إذا وقعت المعالجة على قوانينها من مراعاة مقدار التراب والريق، وملازمة ذلك فى أوقاته، وإلا فالنفث ووضع السبابة على الأرض إنما يعلق بها ما ليس له بال ولا أثر، وإنما هذا من باب التبرك بأسماء الله تعالى وآثار رسوله- صلى الله عليه وسلم-: وأما وضع الأصبع بالأرض فلعله لخاصية فى ذلك، أو لحكمة إخفاء آثار القدرة بمباشرة الأسباب المعتادة.
وقال البيضاوى: قد شهدت المباحث الطبية على أن للريق مدخلا فى النضج وتعديل المزاج، وتراب الوطن له تأثير فى حفظ المزاج ودفع الضرر، فقد ذكروا أنه ينبغى للمسافر أن يستصحب تراب أرضه إن عجز عن استصحاب مائها، حتى إذا ورد المياه المختلفة جعل شيئا منه فى سقائه ليأمن مضرة ذلك، ثم إن الرقى والعزائم لها آثار عجيبة تتقاعد العقول عن الوصول إلى كنهها.
وقال التوربشتى كأن المراد بالتربة الإشارة إلى النطفة، كأن تضرع بلسان الحال: إنك اخترعت الأصل الأول من التراب ثم أبدعته من ماء مهين، فهين عليك أن تشفى من كانت هذه نشأته.
وقال النووى: وقيل المراد «بأرضنا؟» أرض المدينة لبركتها، و «بعضنا» رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لشرف ريقه فيكون ذلك مخصوصا. وفيه نظر. وفى حديث عائشة عند أبى داود والنسائى: أن النبى- صلى الله عليه وسلم- دخل على ثابت بن قيس بن شماس وهو مريض، فقال:«اكشف الباس رب الناس» ، ثم أخذ