للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاستحبه الجمهور، وقال أبو يوسف إنه لا يستحب، وأوجبه ابن حبيب من المالكية، وأهل الظاهر، لحديث: «إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوآ» «١» رواه مسلم. وحمله بعضهم على الوضوء اللغوى، فقال: المراد به غسل الفرج، انتهى. وقالت عائشة: كان- صلى الله عليه وسلم- إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يدخل أصابعه فى الماء فيخلل بها أصول الشعر، ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيديه، ثم يفيض الماء على جسده كله «٢» . رواه البخارى.

ويحتمل أن يكون غسلهما للتنظيف مما بهما، ويحتمل أن يكون هو الغسل المشروع عند القيام من النوم. ويدل عليه زيادة ابن عيينة فى هذا الحديث عن هشام «قبل أن يدخلهما فى الإناء» «٣» رواه الشافعى والترمذى وزاد أيضا: «ثم يغسل فرجه» «٤» وكذا لمسلم وأبى داود. وهى زيادة جليلة، لأن تقديم غسله يحصل به الأمن من مسه فى أثناء الغسل.

ويحتمل أن يكون الابتداء بالوضوء قبل الغسل سنة مستقلة، بحيث يجب غسل أعضاء الوضوء مع بقية الجسد، ويحتمل أن يكتفى بغسلها فى الوضوء عن إعادته، وعلى هذا فيحتاج إلى نية غسل الجنابة فى أول عضو.

وإنما قدم أعضاء الوضوء تشريفا لها، ولتحصل له صورة الطهارتين الصغرى والكبرى. ونقل ابن بطال: الإجماع على أن الوضوء لا يجب مع الغسل.

وهو مردود، فقد ذهب جماعة منهم أبو ثور وداود وغيرهما إلى أن الغسل لا ينوب عن الوضوء للمحدث.


(١) صحيح: أخرجه مسلم (٣٠٨) فى الحيض، باب: جواز نوم الجنب، من حديث أبى سعيد الخدرى- رضى الله عنه-.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٢٤٨) فى الغسل، باب: الوضوء قبل الغسل، ومسلم (٣١٦) فى الحيض، باب: صفة غسل الجنابة.
(٣) صحيح: أخرجه الترمذى (١٠٤) فى الطهارة، باب: ما جاء فى الغسل من الجنابة.
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (٣١٦) فى الحيض، باب: صفة غسل الجنابة، والنسائى (١/ ١٣٣) فى الطهارة، باب: ذكر عدد غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء.