للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الراوى ذلك من قرائن، أو بإعلامه له بعد ذلك. وظاهر قوله: «فكبر» الاكتفاء بالإقامة السابقة، فيؤخذ منه جواز التخلل الكثير بين الإقامة والدخول فى الصلاة. وعنده أيضا من حديث ميمونة: وضعت للنبى- صلى الله عليه وسلم- غسلا وسترته بثوب، وصب على يديه فغسلهما، ثم صب بيمينه على شماله فغسل فرجه، فضرب بيده الأرض فمسحها، ثم غسلها، فتمضمض واستنشق، وغسل وجهه وذراعيه، ثم صب على رأسه، وأفاض على جسده، ثم تنحى فغسل قدميه، فناولته ثوبا فلم يأخذه، فانطلق وهو ينفض يديه «١» . وقد استدل بعضهم بقولها: «فناولته ثوبا فلم يأخذه» على كراهة التنشيف بعد الغسل. ولا حجة فيه، لأنها واقعة حال يتطرق إليها الاحتمال، فيجوز أن يكون عدم الأخذ لأمر آخر لا يتعلق بكراهة التنشيف، بل لأمر يتعلق بالخرقة أو غير ذلك. قال المهلب «٢» : يحتمل تركه الثوب لإبقاء بركة بلل الماء، وللتواضع، أو لشئ رآه فى الثوب من حرير أو وسخ. وقد وقع عند أحمد فى هذا الحديث عن الأعمش قال: فذكرت ذلك لإبراهيم النخعى فقال: لا بأس بالمنديل، وإنما رده مخافة أن يصير عادة.

وقال التيمى فى شرحه: فى هذا الحديث دليل على أنه كان ينشف، ولولا ذلك لم تأته بالمنديل. وقال ابن دقيق العيد: نفضه الماء بيده يدل على أن لا كراهة فى التنشيف لأن كلّا منهما إزالة. وقال النووى: اختلف أصحابنا فيه على خمسة أوجه، أشهرها: أن المستحب تركه، وقيل مكروه، وقيل مباح، وقيل مستحب، وقيل مكروه فى الصيف مباح فى الشتاء. وفي هذا الحديث جواز نفض اليدين من ماء الغسل، وكذا ماء الوضوء، ولكن فيه حديث ضعيف أورده الرافعى وغيره، ولفظه: «تنفضوا أيديكم فى الوضوء فإنها مراوح الشيطان» قال ابن الصلاح: لم أجده، وتبعه النووى.

وقالت عائشة: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٢٦٦) فى الغسل، باب: من أفرغ بيمينه على شماله فى الغسل.
(٢) هو: المهلب بن أحمد بن أبى صفرة، وقد تقدمت ترجمته.