للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وكأن ابن دقيق العيد لم يقف عليه فقال فى الكلام على حديث الباب: «ليس فى الحديث ما يقتضى فعل ذلك دائما اقتضاء قويّا» ، وهو كما قال بالنسبة لحديث الباب، فإن الصيغة ليست نصّا فى المداومة، لكن الزيادة المذكورة نص فى ذلك، ولهذه الزيادة شاهد من حديث ابن عباس بلفظ:

«كل جمعة» أخرجه الطبرانى فى الكبير.

وأما تعيين السورة للركعة فورد من حديث على- عند الطبرانى- بلفظ:

كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ فى الركعة الأولى من صلاة الصبح يوم الجمعة الم (١) تَنْزِيلُ «١» ، وفى الركعة الثانية هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ «٢» .

وقد اختلف تعليل المالكية لكراهة قراءة السجدة فى الصلاة.

فقيل: لكونها تشتمل على زيادة سجود فى الفرض. قال القرطبى:

وهو تعليل فاسد، بشهادة هذا الحديث.

وقيل لخشية التخليط على المصلين، ومن ثم فرق بعضهم بين الجهرية والسرية، لأن الجهرية يؤمن معها التخليط لكن صح من حديث ابن عمر أنه- صلى الله عليه وسلم- قرأ سورة فيها سجدة فى صلاة الظهر فسجد بهم فيها «٣» . رواه أبو داود والحاكم، فبطلت التفرقة. ومنهم من علل الكراهة بخشية اعتقاد العوام أنها فرض. قال ابن دقيق العيد: أما القول بالكراهية مطلقا فيأباه الحديث، لكن إذا انتهى الحال إلى وقوع هذه المفسدة فينبغى أن تترك أحيانا لتندفع، فإن المستحب قد يترك لدفع المفسدة المتوقعة، وهو يحصل بالترك فى بعض الأوقات. انتهى.

وقال صاحب «المحيط» من الحنفية: يستحب قراءتها فى صبح يوم


(١) سورة السجدة: ١، ٢.
(٢) سورة الإنسان: ١.
(٣) لعله يشير إلى الحديث الذى أخرجه أبو داود (١٤١١) في الصلاة، باب: فى الرجل يسمع السجدة وهو راكب وفى غير الصلاة، وابن خزيمة فى «صحيحه» (٥٥٦) ، والحاكم فى «المستدرك» (٧٩٨) إلا أنه فيه أن قرأ عام الفتح سجدة، ولم أقف على رواية صلاة الظهر هذه.