للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما حديث جابر بن سمرة ففيه سعد بن السماك وهو متروك، والمحفوظ أنه قرأ بهما فى الركعتين بعد المغرب.

واعتمد بعض أصحابنا وغيرهم حديث سليمان بن يسار عن أبى هريرة قال: ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله- صلى الله عليه وسلم- من فلان، قال سليمان:

فكان يقرأ فى الصبح بطوال المفصل، وفى المغرب بقصار المفصل «١» . رواه النسائى، وصححه ابن خزيمة وغيره.

وهذا يشعر بالمواظبة على ذلك، لكن فى الاستدلال به نظر، نعم حديث رافع أنهم كانوا ينتضلون «٢» بعد صلاة المغرب يدل على تخفيف القراءة فيها. وطريق الجمع بين هذه الأحاديث: أنه- صلى الله عليه وسلم- كان أحيانا يطيل القراءة فى المغرب، إما لبيان الجواز، وإما لعلمه بعدم المشقة على المأمومين، وليس فى حديث جبير دليل على أن ذلك تكرر منه، وأما حديث زيد بن ثابت ففيه إشعار بذلك لكونه أنكر على مروان المواظبة على القراءة بقصار المفصل، ولو كان مروان يعلم أن النبى- صلى الله عليه وسلم- واظب على ذلك لاحتج به على زيد، لكن لم يرد زيد منه- فيما يظهر- المواظبة على القراءة بالطوال، وإنما أراد منه أن يتعاهد ذلك كما رآه من النبى- صلى الله عليه وسلم-.

وفى حديث أم الفضل إشعاره بأنه- صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ فى الصحة بأطول من المرسلات، لكونه كان فى حال شدة مرضه، وهو مظنة التخفيف. وهو يرد على أبى داود ادعاء نسخ التطويل فى المغرب، لأنه روى عقب حديث زيد بن ثابت من طريق عروة أنه كان يقرأ فى المغرب بالقصار قال: وهذا يدل على نسخ حديث زيد ولم يبين وجه الدلالة. وكيف تصح دعوى النسخ وأم


(١) صحيح: أخرجه النسائى (٢/ ١٦٧) فى الافتتاح، باب: تخفيف القيام والقراءة، باب: القراءة فى المغرب بقصار المفصل، وأحمد فى «المسند» (٢/ ٥٣٢) ، وابن حبان (١٨٣٧) ، وابن خزيمة (٥٢٠) فى «صحيحيهما» بسند صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن النسائى» .
(٢) ينتضلون: أى يلعبون بالنضال، وهى السهام، وفى رواية «يتنضلون» ، ورجح الزرقانى فى الشرح الرواية الأولى.