للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الحافظ ابن حجر: وكأنه «١» يشير إلى رد ما وقع فى الرافعى:

أنه- صلى الله عليه وسلم- كان يقول فى التشهد: «وأشهد أنى رسول الله» ، وتعقبوه بأنه لم يرو كذلك صريحا. نعم وقع فى البخارى من حديث سلمة بن الأكوع قال:

خفّت أزواد القوم فذكر الحديث وفيه: فقال- صلى الله عليه وسلم-: «أشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله» «٢» .

ومن لطائف التشهد ما قاله البيضاوى: علمهم أن يفردوه- صلى الله عليه وسلم- بالذكر لشرفه ومزيد حقه عليهم، فإن قيل: كيف يشرع هذا اللفظ، وهو خطاب لبشر مع كونه منهيّا عنه فى الصلاة؟ فالجواب: أن ذلك من خصائصه- صلى الله عليه وسلم-.

فإن قلت: ما الحكمة فى العدول عن الغيبة إلى الخطاب فى قوله:

«السلام عليك أيها النبى» مع أن لفظ الغيبة هو الذى يقتضيه السياق، كأن يقول: السلام على النبى، فينتقل من تحية الله إلى تحية النبى، ثم إلى تحية النفس، ثم إلى تحية الصالحين؟.

أجاب الطيبى بما محصله: نحن نتبع لفظ الرسول بعينه الذى علمه للصحابة. ويحتمل أن يقال على طريق أهل المعرفة بالله: إن المصلين لما استفتحوا باب الملكوت بالتحيات، أذن لهم فى الدخول فى حريم الحى الذى لا يموت، فقرت أعينهم بالمناجاة، فنبهوا على أن ذلك بواسطة نبى الرحمة وبركة متابعته، فالتفتوا (فإذا الحبيب فى حرم الحبيب حاضر، فأقبلوا عليه قائلين: السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته. انتهى) .

وقال الترمذى الحكيم: فى قوله: «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» : من أراد أن يحظى بهذا السلام الذى يسلمه الخلق فى صلاتهم فليكن عبدا صالحا، وإلا حرم هذا الفضل العظيم.


(١) الضمير عائد إلى الإمام النووى- رحمه الله-.
(٢) صحيح: والحديث أخرجه البخارى (٢٤٨٤) فى الشركة، باب: الشركة فى الطعام.