للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن عطاء لم يدرك عثمان بن عفان، فرواية من أثبت ذلك عنه مقدمة على إنكاره. ويمكن الجمع: بأن الذى كان فى زمن عمر بن الخطاب استمر على عهد عثمان، ثم رأى أن يجعله أذانا وأن يكون على مكان عال، ففعل ذلك، فنسب إليه لكونه بألفاظ الأذان، وترك ما كان يفعله عمر لكونه مجرد إعلام.

وروى ابن أبى شيبة عن ابن عمر قال: الأذان الأول يوم الجمعة بدعة. فيحتمل أن يكون قال ذلك على سبيل الإنكار، وأن يكون أراد به: لم يكن فى زمنه- صلى الله عليه وسلم-، لأن كل ما لم يكن فى زمنه- صلى الله عليه وسلم- يسمى بدعة، لكن منها ما يكون حسنا، ومنها ما يكون غير ذلك. ثم إن فعل عثمان- رضى الله عنه-، كان إجماعا سكوتيّا لأنهم لم ينكروه عليه. انتهى.

وأول جمعة جمعها النبى- صلى الله عليه وسلم- بأصحابه- كما قدمناه فى حديث الهجرة- فى بنى سالم بن عوف، فى بطن واد لهم، فخطبهم وهى أول خطبة خطبها بالمدينة وقال فيها:

«الحمد لله أحمده، وأستعينه وأستغفره، وأستهديه وأومن به ولا أكفره، وأعادى من يكفر به، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق والنور والموعظة والحكمة، على فترة من الرسل، وقلة من العلم، وضلالة من الناس، وانقطاع من الزمان، ودنو من الساعة، وقرب من الأجل من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فقد غوى وفرط وضل ضلالا بعيدا، أوصيكم بتقوى الله، فإنه خير ما أوصى به المسلم المسلم أن يحضه على الآخرة، وأن يأمره بتقوى الله، واحذروا ما حذركم الله من نفسه، فإن تقوى الله لمن عمل بها على وجل ومخافة من ربه عون وصدق على ما يبتغون من الآخرة، ومن يصل الذى بينه وبين الله من أمره فى السر والعلانية لا ينوى به إلا وجه الله يكن له ذكرا فى عاجل أمره، وذخرا فيما بعد الموت حين يفتقر المرء إلى ما قدم، وما كان مما سوف ذلك يود لو أن بينه وبينه أمدا بعيدا، ويحذركم الله