للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: (نافلة لك) أى عبارة زائدة فى فرائضك، ويمكن نصرة هذا القول بأن قوله: (فتهجد) أمر، وصيغة الأمر للوجوب، فوجب كون هذا التهجد واجبا، وروى الطبرى عن ابن عباس أن النافلة للنبى- صلى الله عليه وسلم- خاصة، لأنه أمر بقيام الليل، وكتب عليه دون أمته «١» ، وإسناده ضعيف.

وقيل معناه: زيادة لك خاصة، لأن تطوع غيره يكفر ما على صاحبه من ذنب، وتطوعه هو- صلى الله عليه وسلم- يقع خالصا له لكونه لا ذنب عليه، فكل طاعة يأتى بها- صلى الله عليه وسلم- سوى المكتوبة إنما تكون لزيادة الدرجات، وكثرة الحسنات، ولهذا سمى نافلة بخلاف الأمة، فإن لهم ذنوبا محتاجة إلى الكفارات، فهذه الطاعات يحتاجون إليها لتكفير الذنوب والسيئات «٢» .

وروى مسلم من طريق سعد بن هشام عن عائشة قالت: إن الله افترض قيام الليل فى هذه السورة، تعنى يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ «٣» فقام نبى الله- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه حولا، حتى أنزل فى آخر هذه السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة «٤» . وروى محمد بن نصر فى قيام الليل من طريق سماك عن ابن عباس شاهدا لحديث عائشة فى أن بين الإيجاب والنسخ سنة.

وحكى الشافعى عن بعض أهل العلم أن آخر السورة نسخ افتراض قيام الليل إلا ما تيسر منه، ثم نسخ فرض ذلك بالصلوات الخمس. وروى محمد ابن نصر من حديث جابر أن نسخ قيام الليل وقع لما توجهوا مع أبى عبيدة فى جيش الخبط، وكان ذلك بعد الهجرة لكن فى إسناده على بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. فوجوب قيام الليل قد نسخ فى حقنا. وهل نسخ فى حقه- صلى الله عليه وسلم-؟ أكثر الأصحاب: لا، والصحيح: نعم، ونقله الشيخ أبو حامد عن النص.


(١) قاله الحافظ ابن حجر فى «فتح البارى» (٣/ ٣) .
(٢) انظر ما قبله.
(٣) سورة المزمل: ١.
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (٧٤٦) فى صلاة المسافرين قصرها، باب: جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، وأحمد (١) من حديث عائشة.