للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصحاب مالك وغيرهم، وقالوا: ذلك كله بدعة. واختلف علماء أهل الشام فى صفة إحيائها على قولين:

أحدهما: إنه يستحب إحياؤها جماعة فى المساجد، وكان خالد بن معدان، ولقمان بن عامر يلبسون فيها أحسن ثيابهم ويتبخرون ويكتحلون ويقومون فى المسجد ليلتهم تلك، ووافقهم إسحاق بن راهواه على ذلك، وقال فى قيامها فى المساجد جماعة ليس ذلك ببدعة، نقله عنه حرب الكرمانى فى مسائله.

الثانى: أنه يكره الاجتماع لها فى المساجد للصلاة والقصص والدعاء، ولا يكره أن يصلى الرجل فيها لخاصة نفسه، وهذا قول الأوزاعى إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم.

ولا يعرف للإمام أحمد كلام فى ليلة النصف من شعبان، ويتخرج فى استحباب قيامها عنه روايتان من الروايتين عنه فى قيام ليلتى العيد، فإنه فى رواية لم يستحب قيامها جماعة، لأنه لم ينقل عن النبى- صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه فعلها، واستحبها فى رواية لفعل عبد الرحمن بن زيد بن الأسود لذلك، وهو من التابعين، وكذلك قيام ليلة النصف من شعبان لم يثبت فيها شئ عن النبى- صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه، إنما ثبت عن جماعة من التابعين من أعيان فقهاء أهل الشام. انتهى ملخصا من اللطائف.

وأما قوله تعالى فى سورة الدخان: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ «١» فالمراد بها إنزاله تعالى القرآن فى ليلة القدر، كما قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «٢» وكان ذلك فى شهر رمضان، كما قال تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ «٣» .

قال الحافظ ابن كثير: ومن قال إنها ليلة النصف من شعبان، كما روى


(١) سورة الدخان: ٣.
(٢) سورة القدر: ١.
(٣) سورة البقرة: ١٨٥.