وأرجح الأقوال مشروعيته للفصل، لكن لم يداوم- صلى الله عليه وسلم- عليها، ولذا احتج الأئمة على عدم الوجوب، وحملوا الأمر الوارد بذلك عند أبى داود وغيره على الاستحباب. وفائدة ذلك: الراحة والنشاط لصلاة الصبح، وعلى هذا فلا يستحب ذلك إلا للتهجد. وبه جزم ابن العربى. ويشهد لهذا ما رواه عبد الرزاق أن عائشة كانت تقول: إن النبى- صلى الله عليه وسلم- لم يضطجع لسنة، ولكنه كان يدأب ليلته فيستريح. وفيه راو لم يسم.
وقيل: فائدتها الفصل بين ركعتى الفجر وصلاة الصبح، وعلى هذا فلا اختصاص. ومن ثم قال الشافعى: إن السنة تتأدى بكل ما يحصل به الفصل من مشى وكلام وغيره، حكاه البيهقى. وقال النووى: المختار أنه سنة لظاهر حديث أبى هريرة، وقد قال أبو هريرة راوى الحديث: إن الفصل بالمشى إلى المسجد لا يكفى. وأفرط ابن حزم فقال: يجب على كل أحد، وجعله شرطا لصحة صلاة الصبح، فرد عليه العلماء بعده، حتى طعن ابن تيمية فى صحة الحديث لتفرد عبد الواحد بن زياد به، وفى حفظه مقال، والحق: أنه تقوم به الحجة.
وذهب بعض السلف إلى استحبابها فى البيت دون المسجد، وهو محكى عن ابن عمر. وقواه بعض شيوخنا، بأنه لم ينقل عن النبى- صلى الله عليه وسلم- أنه فعله فى المسجد، وصح عن ابن عمر أنه كان يحصب من يفعله فى المسجد، أخرجه ابن أبى شيبة. وقال- صلى الله عليه وسلم-: «من لم يصل ركعتى الفجر، فليصلهما بعد ما تطلع الشمس»«١» رواه الترمذى من رواية أبى هريرة.
(١) صحيح: أخرجه الترمذى (٤٢٣) فى الصلاة، باب: ما جاء فى إعادتها بعد طلوع الشمس، وعند ابن ماجه (١١٥٥) فى إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: ما جاء فيمن فاتته الركعتان قبل صلاة الفجر، ولفظه أن النبى- صلى الله عليه وسلم- نام عن ركعتى الفجر فقضاهما بعد ما طلعت الشمس وكلاهما من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-، قال الترمذى: حديث لا نعرفه، قال الألبانى: فى «صحيح سنن الترمذى» : صحيح.