للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى البخارى: وقالت عائشة وأسماء: خطب النبى- صلى الله عليه وسلم-. وقد اختلف فى الخطبة فيه، فاستحبها الشافعى وإسحاق وأكثر أهل الحديث. وقال ابن قدامة لم يبلغنا عن أحمد ذلك. وقال صاحب الهداية من الحنفية ليس فى الكسوف خطبة لأنه لم ينقل. وتعقب بأن الأحاديث ثبتت فيه، وهى ذات كثرة.

والمشهور عند المالكية أنه لا خطبة لها، مع أن مالكا روى الحديث وفيه ذكر الخطبة، وأجاب بعضهم: بأنه- صلى الله عليه وسلم- لم يقصد بها الخطبة بخصوصها، وإنما أراد أن يبين لهم الرد على من يعتقد أن الكسوف لموت بعض الناس.

وتعقب: بما فى الأحاديث الصحيحة من التصريح بالخطبة، وحكاية شرائطها من الحمد والثناء والموعظة وغير ذلك مما تضمنته الأحاديث، فلم يقتصر على الإعلام بسبب الكسوف، والأصل مشروعية الاتباع، والخصائص لا تثبت إلا بدليل، انتهى.

وعن المغيرة بن شعبة عند البخارى: كسفت الشمس على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم مات إبراهيم، فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فصلوا وادعوا الله» «١» .

وإبراهيم هو ابن النبى- صلى الله عليه وسلم-، وقد ذكر جمهور أهل السير أنه مات


لنا على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى إذا كانت قيد رمحين أو ثلاثة فى عين الناظر اسودت حتى آضت كأنها تنومة قال: فقال أحدنا لصاحبه انطلق بنا إلى المسجد فو الله ليحدثن شأن هذه الشمس رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فى أمته حدثا قال: فدفعنا إلى المسجد فإذا هو بارز، قال: ووافقنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حين خرج إلى الناس فاستقدم فقام بنا كأطول ما قام بنا فى صلاة قط لا نسمع له صوتا ثم ركع كأطول ما ركع بنا فى صلاة قط لا نسمع له صوتا ثم فعل فى الركعة الثانية مثل ذلك فوافق تجلى الشمس جلوسه فى الركعة الثانية: قال زهير حسبته قال: فسلّم فحمد الله وأثنى عليه ... الحديث.
(١) صحيح: أخرجه البخارى (١٠٤٣) فى الجمعة، باب: الصلاة فى كسوف الشمس، من حديث المغيرة بن شعبة- رضى الله عنه-.