للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله يمسكها عنا، قال: فرفع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يديه ثم قال: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر» ، قال:

فانقطعت وخرجنا نمشى فى الشمس. قال شريك: فسألت أنس بن مالك:

أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدرى «١» . رواه مسلم. وفى رواية قال: فما يشير بيده إلى ناحية إلا تفرجت، حتى رأيت المدينة مثل الجوبة، وسال وادى قناة شهرا. ولم يجئ أحدا من ناحية إلا أخبر بجود «٢» .

وقوله: «يغيثنا» بفتح أوله، يقال: غاث الله البلاد يغيثها، إذا أرسل عليها المطر. وقوله: «من باب كان نحو دار القضاء» هى دار عمر بن الخطاب وسميت بذلك لأنها بيعت فى قضاء دينه. وقوله: «هلكت الأموال» ، وفى رواية كريمة وأبى ذر عند الكشميهنى: هلكت المواشى، وهى المراد بالأموال هنا: وفى رواية البخارى: هلك الكراع- بضم الكاف- وهو يطلق على الخيل وغيرها، وفى البخارى أيضا: هلكت الماشية، هلك العيال، هلك الناس، وهو من ذكر العام بعد الخاص. والمراد بهلاكهم: عدم وجود ما يعيشون به من الأقوات المفقودة بحبس المطر. وانقطعت السبل: لأن الإبل ضعفت لقلة القوت عن السفر، أو لكونها لا تجد فى طريقها من الكلأ ما يقيم أودها.

و «الآكام» بكسر الهمزة، وقد تفتح وتمد: جمع «أكمة» - بفتحات-:

التراب المجتمع، وقيل: الجبل الصغير، وقيل؛ ما ارتفع من الأرض.

و «الظراب» بكسر المعجمة، جمع «ظرب» - بكسر الراء-: الجبل المنبسط العالى. وقوله: «مثل الجوبة» بفتح الجيم، وسكون الواو، وفتح الموحدة، هى الحفرة المستديرة الواسعة، والمراد بها هنا: الفرجة فى السحاب. و «الجود» :

المطر الغزير. وقوله: «قناة شهرا» : أى جرى فيه المطر من الماء شهرا.

وفى هذا دليل على عظم معجزته- صلى الله عليه وسلم-، وهو أن سخرت السحاب


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٩٣٣) فى الجمعة، باب: الاستسقاء فى الخطبة يوم الجمعة، ومسلم (٨٩٧) فى الاستسقاء، باب: الدعاء فى الاستسقاء، من حديث أنس- رضى الله عنه-.
(٢) تقدم فى الذى قبله.