للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الرحمن بن أبى ليلى عن رجل من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال:

نهى النبى- صلى الله عليه وسلم- عن الحجامة للصائم، وعن المواصلة، ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه «١» . وإسناده صحيح، والجهالة بالصحابى لا تضر، ورواه ابن أبى شيبة عن وكيع عن الثورى بلفظ «عن أصحاب محمد- صلى الله عليه وسلم- قالوا: إنما نهى النبى- صلى الله عليه وسلم- عن الحجامة للصائم وكرهها للضعف» «٢» أى لئلا يضعف. انتهى ملخصا من فتح البارى والله أعلم.

وقالت عائشة: (كان- صلى الله عليه وسلم- يقبل بعض أزواجه وهو صائم، ثم ضحكت» «٣» رواه البخارى ومسلم ومالك وأبو داود. قالت: (وكان أملككم لإربه) «٤» أى لحاجته، تعنى أنه كان غالبا لهواه. قال ابن الأثير: أكثر المحدثين يروونه بفتح الهمزة والراء، يعنون به الحاجة، وبعضهم يرويه بكسر الهمزة وسكون الراء، وله تأويلان: أحدهما: أنه الحاجة يقال فيها؛ الأرب، والإرب، والإربة والمأربة، والثانى: أرادت به العضو، وعنت به من الأعضاء الذكر خاصة، انتهى. فمذهب الشافعى والأصحاب: أن القبلة ليست محرمة على من لم تحرك شهوته، لكن الأولى تركها، وأما من حركت شهوته فهى حرام فى حقه على الأصح عند أصحابنا.

وقوله: «فضحكت» قيل: يحتمل ضحكها التعجب ممن خالف هذا، وقيل: تعجبت من نفسها، إذ حدثت بمثل هذا مما يستحى من ذكر النساء مثله للرجال، ولكنها ألجأتها الضرورة فى تبليغ العلم إلى ذكر ذلك، وقد يكون خجلا لإخبارها عن نفسها بذلك، أو تنبيها على أنها صاحبة القصة ليكون ذلك أبلغ فى الثقة بها، أو سرورا بمكانتها من النبى- صلى الله عليه وسلم- ومحبته لها.


(١) صحيح: أخرجه أبو داود (٢٣٧٤) فى الصوم، باب: فى الرخصة فى ذلك، عن عبد الرحمن ابن أبى ليلى عن رجل من أصحاب النبى- صلى الله عليه وسلم-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .
(٢) انظره: فى «فتح البارى» (٤/ ١٧٨) .
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (١٩٢٧) فى الصوم، باب: المباشرة للصائم، من حديث عائشة- رضى الله عنها-.
(٤) تقدم فى الذى قبله.