للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو داود والنسائى. وعن أنس قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وذلك عند السحور-: «يا أنس إنى أريد الصيام فأطعمنى شيئا» ، فأتيته بتمر وإناء فيه ماء، وذلك بعد ما أذن بلال، قال: «يا أنس انظر رجلا يأكل معى» فدعوت زيد بن ثابت فجاء فقال: إنى أريد شربة سويق وأنا أريد الصيام، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «وأنا أريد الصيام» فتسحر معه، ثم قام فصلى ركعتين ثم خرج إلى الصلاة «١» . رواه النسائى. وعن زر بن حبيش: قلنا لحذيفة: أى ساعة تسحرت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم-؟ قال: «هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع» «٢» رواه النسائى أيضا. وعن زيد بن ثابت قال: تسحرنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثم قمنا إلى الصلاة. قال أنس بن مالك: قلت: كم كان قدر ما بينهما؟ قال:

قدر خمسين آية «٣» . رواه البخارى ومسلم والترمذى والنسائى.

والمراد آية متوسطة، لا طويلة ولا قصيرة لا سريعة ولا بطيئة. قال ابن أبى جمرة: كان- صلى الله عليه وسلم- ينظر ما هو الأرفق بأمته فيفعله، لأنه لو لم يتسحر لا تبعوه فشق على بعضهم، ولو تسحر فى جوف الليل لشق أيضا على بعضهم ممن يغلب عليه النوم، فقد يفضى إلى ترك الصبح، أو يحتاج إلى المجاهدة بالسهر. وقال القرطبى: فيه دلالة على أن الفراغ من السحور كان قبل طلوع الفجر، فهو معارض لقول حذيفة «هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع» . انتهى. وأجاب فى فتح البارى: بأن لا معارضة، بل يحمل على اختلاف الحال، فليس فى رواية واحد منهما ما يشعر بالمواظبة.


(١) صحيح الإسناد: أخرجه النسائى (٤/ ١٤٧) فى الصيام، باب: السحور بالسويق والتمر، من حديث أنس بن مالك- رضى الله عنه-، وقال الألبانى: صحيح الإسناد.
(٢) حسن الإسناد: أخرجه النسائى (٤/ ١٤٢) فى الصيام، باب: تأخير السحور وذكر الاختلاف على زر فيه. من حديث حذيفة بن اليمان- رضى الله عنه-، وقال الألبانى: حسن الإسناد.
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (١٩٢١) فى الصوم، باب: قدر كم بين السحور وصلاة الفجر، ومسلم (١٠٩٧) فى الصيام، باب: فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره، من حديث أنس عن زيد بن ثابت- رضى الله عنه-.