للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبأن القران رواه عنه- صلى الله عليه وسلم- جماعة من الصحابة لم يختلف عليهم فيه.

وبأنه لم يقع فى شئ من الروايات النقل عنه من لفظه أنه قال: أفردت، ولا تمتعت، بل صح عنه أنه قال: «لولا أن معى الهدى لأحللت» «١» .

وأيضا: فإن من روى القران لا يحتمل حديثه التأويل إلا بتعسف، بخلاف من روى الإفراد فإنه محمول على أول الحال وينتفى التعارض، ويؤيده: أن من جاء عنه الإفراد جاء عنه صورة القران، ومن روى عنه التمتع فإنه محمول على سفر واحد للنسكين، ويؤيده: أن من جاء عنه التمتع لما وصفه، وصفه بصورة القران، لأنهم اتفقوا على أنه لم يحل من عمرته حتى أتم عمل جميع الحج، وهذه إحدى صور القران.

وأيضا: فإن رواية القران جاءت عن بضعة عشر صحابيّا. انتهى.

وعدهم ابن القيم سبعة عشر: عائشة أم المؤمنين، وعبد الله بن عباس، وعمر ابن الخطاب، وعلى بن أبى طالب، وعثمان بن عفان بإقراره لعلى، وعمران ابن الحصين، والبراء بن عازب، وحفصة أم المؤمنين، وأبو قتادة، وابن أبى أوفى، وأبو طلحة، والهرماس بن زياد، وأم سلمة، وأنس بن مالك، وسعد ابن أبى وقاص، وجابر، وابن عمر، قال: فهؤلاء سبعة عشر صحابيّا، منهم من روى فعله، ومنهم من روى لفظ إحرامه، ومنهم من روى خبره عن نفسه، ومنهم من روى أمره به.

فإن قيل: كيف تجعلون منهم ابن عمر وجابرا، وعائشة، وابن عباس؟

وعائشة تقول: أهلّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالحج، وفى لفظ: أفرد الحج، والأول فى الصحيحين، والثانى فى مسلم. وهذا ابن عمر يقول: لبى بالحج وحده، ذكره البخارى، وهذا ابن عباس يقول: أهلّ بالحج، رواه مسلم. وهذا جابر يقول: أفرد الحج، رواه ابن ماجه.

قيل: إن كانت الأحاديث عن هؤلاء تعارضت وتساقطت، فإن أحاديث


(١) صحيح: أخرجه البخارى (١٥٥٨) فى الحج، باب: من أهل فى زمن النبى كإهلال النبى. من حديث أنس- رضى الله عنه-.