الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر، فحول رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يده من الشق الآخر على وجه الفضل، فصرف وجهه من الشق الآخر ينظر «١» .
وفى رواية: كان الفضل رديف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده فى الحج أدركت أبى شيخا كبيرا، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال:«نعم» . وذلك فى حجة الوداع، رواه الشيخان وغيرهما. وقد روى أيضا من حديث عبد الله بن عباس، لكن رجح البخارى رواية الفضل لأنه كان رديف النبى- صلى الله عليه وسلم- حينئذ، وكان عبد الله بن عباس تقدم إلى منى مع الضعفة، فكأن الفضل حدث أباه بما شاهد فى تلك الحالة، ويحتمل أن يكون سؤال الخثعمية وقع بعد رمى جمرة العقبة، فحضره عبد الله بن عباس، فنقله تارة عن أخيه لكونه صاحب القصة، وتارة عما شاهده، ويؤيده ما فى الترمذى: أن السؤال المذكور وقع عند المنحر، بعد الفراغ من الرمى، وأن العباس كان شاهدا. وفيه: أنه- صلى الله عليه وسلم- لوى عنق الفضل، فقال العباس: يا رسول الله، لويت عنق ابن عمك، قال:«رأيت شابّا وشابة فلم آمن عليهما من الشيطان» . وظاهر هذا أن العباس كان حاضرا لذلك، فلا مانع أن يكون ابنه عبد الله أيضا كان معه.
وفى هذا الحديث دلالة على جواز النيابة فى الحج عمن لا يستطيع من الأحياء، خلافا لمالك فى ذلك، ولمن قال: لا يحج عن أحد مطلقا كابن عمر، ونقل ابن المنذر وغيره الإجماع على أنه لا يجوز أن يستنيب من يقدر على الحج بنفسه فى الحج الواجب، وأما النفل فيجوز عند أبى حنيفة خلافا للشافعى. وعن أحمد روايتان انتهى.
وفى رواية ابن عباس: أن أسامة قال: كنت ردف النبى- صلى الله عليه وسلم- من عرفة إلى المزدلفة، ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى، فكلاهما قال: لم