للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخالف فى ذلك المالكية والحنفية، فقالوا: خطب الحج ثلاثة: سابع ذى الحجة، ويوم عرفة، وثانى يوم النحر بمنى. ووافقهم الشافعى إلا أنه قال:

بدل ثانى النحر ثالثه، لأنه أول النفر، وزاد خطبة رابعة وهى يوم النحر، قال: وبالناس حاجة إليها ليعلموا أعمال ذلك اليوم من الرمى والذبح والحلق والطواف.

وتعقبه الطحاوى: بأن الخطبة المذكورة ليست من متعلقات الحج، لأنه لم يذكر فيها شيئا من أمور الحج، وإنما ذكر فيها وصايا عامة، ولم ينقل أحد أنه علمهم فيها شيئا من الذى يتعلق بيوم النحر، فعلمنا أنها لم تقصد لأجل الحج.

وقال ابن بطال: إنما فعل ذلك من أجل تبليغ ما ذكره لكثرة الجمع الذى اجتمع من أقاصى الدنيا، فظن الذى رآه أنه خطب. قال: وأما ما ذكره الشافعى: أن بالناس حاجة إلى تعليمهم أسباب التحلل المذكورة فليس بمتعين، لأن الإمام يمكنه أن يعلمهم إياها يوم عرفة: انتهى.

وأجيب: بأنه- صلى الله عليه وسلم- نبه فى الخطبة المذكورة على تعظيم يوم النحر، وعلى تعظيم ذى الحجة، وعلى تعظيم البلد الحرام، وقد جزم الصحابة المذكورون بتسميتها خطبة، فلا يلتفت لتأويل غيرهم، وما ذكره من إمكان تعليم ما ذكر يوم عرفة، يعكر عليه فى كونه يرى مشروعية الخطبة ثانى يوم النحر، وكان يمكن أن يعلموا ذلك يوم عرفة، بل يمكن أن يعلموا يوم التروية جميع ما يؤتى به من أعمال الحج، لكن لما كان فى كل يوم أعمال ليست فى غيره شرع تجديد التعليم بحسب تجديد الأسباب. وأما قول الطحاوى: «إنه لم ينقل أنه علمهم شيئا من أسباب التحلل» فلا ينفى وقوع ذلك أو شئ منه فى نفس الأمر، بل قد ثبت من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه شهد النبى- صلى الله عليه وسلم- يخطب يوم النحر، وذكر فيه السؤال عن تقدم بعض المناسك على بعض، فكيف ساغ للطحاوى هذا النفى المطلق. انتهى.

وقد روى أبو داود والنسائى عن عبد الرحمن بن معاذ التيمى قال: