للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان من قوله- صلى الله عليه وسلم- حين خرج من مكة، لما وقف على الحزورة، ونظر إلى البيت فقال: «والله إنك لأحب أرض الله إلى، وإنك لأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت» «١» .

وهذا من أصح ما يحتج به فى تفضيل مكة على المدينة.

ولم يعلم بخروجه- عليه السّلام- إلا على وآل أبى بكر.

وروى أنهما خرجا من خوخة لأبى بكر فى ظهر بيته ليلا إلى الغار.

ولما فقدت قريش رسول الله- صلى الله عليه وسلم- طلبوه بمكة، أعلاها وأسفلها، وبعثوا القافة أثره فى كل وجه، فوجد الذى ذهب قبل ثور أثره هنا لك، فلم يزل يتبعه حتى انقطع لما انتهى إلى ثور.

وشق على قريش خروجه وجزعوا لذلك، وجعلوا مائة ناقة لمن رده.

ولله در الشيخ شرف الدين البوصيرى حيث قال:

ويح قوم جفوا نبيّا بأرض ... ألفته ضبابها والظباء

وسلوه وحن جذع إليه ... وقلوه ووده الغرباء

أخرجوه منها وآواه غار ... وحمته حمامة ورقاء

وكفته بنسجها عنكبوت ... ما كفته الحمامة الحصداء

يقال شجرة حصداء: أى كثيرة الورق، فكأنه استعاره للحمامة لكثرة ريشها.

وفى حديث مروى فى الهجرة أنه- عليه السّلام- ناداه ثبير: اهبط عنى، فإنى أخاف أن تقتل على ظهرى فأعذب، فناداه حراء: إلىّ يا رسول الله.

وذكر قاسم بن ثابت فى الدلائل أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لما دخل الغار


(١) صحيح: أخرجه الترمذى (٣٩٢٥) فى المناقب، باب: فى فضل مكة، وابن ماجه (٣١٠٨) فى المناسك، باب: فضل مكة، وأحمد فى «مسنده» (٤/ ٣٠٥) ، وابن حبان فى «صحيحه» (٣٧٠٨) ، والحاكم فى «مستدركه» (٣/ ٨ و ٣١٥) ، من حديث عدى بن حمراء الزهرى- رضى الله عنه-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .