للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجعلت قبلة المسجد للقدس، وجعل له ثلاثة أبواب: باب فى مؤخره، وباب يقال له: باب الرحمة، والباب الذى يدخل منه.

وجعل طوله مما يلى القبلة إلى مؤخره مائة ذراع، وفى الجانبين مثل ذلك أو دونه.

وجعل أساسه قريبا من ثلاثة أذرع، وبنى بيوتا إلى جنبه باللبن وسقفها بجذوع النخل والجريد، فلما فرغ من البناء بنى لعائشة فى البيت الذى يليه شارعا إلى المسجد، وجعل سودة بنت زمعة فى البيت الآخر الذي يليه إلى الباب الذي يلى آل عثمان.

ثم تحول- عليه السّلام- من دار أبى أيوب إلى مساكنه التى بناها.

وكان قد أرسل زيد بن حارثة وأبا رافع مولاه إلى مكة، فقدما بفاطمة وأم كلثوم وسودة بنت زمعة وأسامة بن زيد وأم أيمن، وخرج عبد الله بن أبى بكر معهم بعيال أبيه.

وكان فى المسجد موضع مظلل، تأوى إليه المساكين، يسمى الصفة، وكان أهله يسمون: أهل الصفة، وكان- صلى الله عليه وسلم- يدعوهم بالليل فيفرقهم على أصحابه، وتتعشى طائفة منهم معه- عليه السّلام-.

وفى البخارى من حديث أبى هريرة: لقد رأيت سبعين من أصحاب الصفة، ما منهم رجل عليه رداء، إما إزار، وإما كساء، قد ربطوا فى أعناقهم، فمنها ما يبلغ نصف الساق، ومنها ما يبلغ الكعبين، فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته «١» .

وهذا يشعر بأنهن كانوا أكثر من سبعين، وهؤلاء الذين رآهم أبو هريرة غير السبعين الذين بعثهم فى غزوة بئر معونة، وكانوا من أهل الصفة أيضا، لكنهم استشهدوا قبل إسلام أبى هريرة.

وقد اعتنى بجمع أصحاب الصفة ابن الأعرابى والسلمى. والحاكم وأبو


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٤٤٢) فى المساجد، باب: نوم الرجل فى المسجد.