للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى هذا دليل على أن الناسخ لا يلزم حكمه إلا بعد العلم به، وإن تقدم نزوله، لأنهم لم يؤمروا بإعادة العصر والمغرب والعشاء والله أعلم.

وروى الطبرى عن ابن عباس- رضى الله عنهما-: لما هاجر- صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، واليهود أكثر أهلها يستقبلون بيت المقدس أمره الله تعالى أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها سبعة عشر شهرا، وكان- صلى الله عليه وسلم- يحب أن يستقبل قبلة إبراهيم، فكان يدعو وينظر إلى السماء فنزلت الآية «١» .

قال فى فتح البارى وظاهر حديث ابن عباس هذا أن استقبال بيت المقدس إنما وقع بعد الهجرة إلى المدينة. لكن أخرج أحمد من وجه آخر عن ابن عباس- رضى الله عنهما-: كان- صلى الله عليه وسلم- يصلى بمكة نحو بيت المقدس، والكعبة بين يديه «٢» ، قال: والجمع بينهما ممكن: بأن يكون أمر لما هاجر أن يستمر على الصلاة لبيت المقدس.

وأخرج الطبرى أيضا من طريق ابن جريج قال: صلى النبى- صلى الله عليه وسلم- أول ما صلى إلى الكعبة، ثم صرف إلى بيت المقدس وهو بمكة، فصلى ثلاث حجج، ثم هاجر، فصلى إليه بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرا، ثم وجهه الله إلى الكعبة «٣» .

وقوله فى حديث ابن عباس الأول: «أمره الله تعالى» يرد قول من قال:

إنه صلى إلى بيت المقدس باجتهاد.

وعن أبى العالية: أنه صلى إلى بيت المقدس يتألف أهل الكتاب. وهذا لا ينفى أن يكون بتوقيف.

واختلفوا فى المسجد الذى كان يصلى فيه:

فعند ابن سعد فى الطبقات: أنه صلى ركعتين من الظهر فى مسجده


(١) أخرجه ابن جرير الطبرى فى «تفسيره» (١/ ٥٠٢) ، (٢/ ٥ و ٢٠) .
(٢) أخرجه أحمد فى «مسنده» (١/ ٣٢٥) .
(٣) مرسل: أخرجه ابن جرير فى «تفسيره» (٢/ ٥) عن ابن جريج مرسلا.