للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو صوتا لا أشك فيه أنه صوت طبل، وذلك من ناحية اليمين ونحن سائرون إلى مكة المشرفة، ثم نزلنا إلى بدر، فظللت أسمع ذلك الصوت يومى أجمع المرة بعد المرة.

قال: لقد أخبرت أن ذلك الصوت لا يسمعه جميع الناس اه.

وروى الطبرانى من حديث أبى اليسر»

، أنه أسر العباس، وقيل للعباس- وكان جسيما- كيف أسرك أبو اليسر وهو دميم، ولو شئت لجعلته فى كفك، فقال: ما هو إلا أن لقيته فظهر فى عينى كالخندمة- وهى بالخاء المعجمة- جبل من جبال مكة، قاله فى القاموس.

ولما ولى عمر بن الخطاب وثاق الأسرى شد وثاق العباس، فسمعه النبى صلى الله عليه وسلم- وهو يئن فلم يأخذه النوم، فبلغ الأنصار، فأطلقوا العباس، فكأن الأنصار فهموا رضا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بفك وثاقه، وسألوه أن يتركوا له الفداء طلبا لتمام رضاه فلم يجبهم.

وفى حديث أنس عند الإمام أحمد: استشار- صلى الله عليه وسلم- الناس فى الأسرى يوم بدر فقال: «إن الله قد أمكنكم منهم» . فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، أضرب أعناقهم، فأعرض عنه- عليه السّلام-، ثم عاد- صلى الله عليه وسلم- فقال:

«يا أيها الناس، إن الله قد أمكنكم منهم» .

فقال عمر: يا رسول الله، أضرب أعناقهم، فأعرض عنه- عليه السّلام-، فعل ذلك ثلاثا، فقام أبو بكر فقال يا رسول الله، أرى أن تعفو عنهم، وأن تقبل منهم الفداء، فذهب من وجه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ما كان فيه من الغم، فعفا وقبل منهم الفداء. قال: وأنزل الله لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٦٨) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً «٢» «٣» الآية. ويأتى


(١) صحابى جليل، شهد بدرا والشاهد، مشهور بكنيته، كان قصيرا دحداحا عظيم البطن، مات بالمدينة سنة (٥٥ هـ) .
(٢) سورة الأنفال: ٦٨، ٦٩.
(٣) أخرجه أحمد فى «مسنده» (٣/ ٢٤٣) .