للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال أبو سفيان: أفى القوم محمد، ثلاث مرات، فنهاهم النبى- صلى الله عليه وسلم- أن يجيبوه، ثم قال: أفى القوم ابن أبي قحافة ثلاث مرات، ثم قال: أفى القوم ابن الخطاب ثلاث مرات، ثم رجع إلى أصحابه فقال: أما هؤلاء فقد قتلوا، فما ملك عمر نفسه فقال: كذبت يا عدو الله، إن الذين عددت لأحياء كلهم، وبقى لك ما يسوؤك، قال: يوم بيوم، والحرب سجال «١» .

وتوجه- صلى الله عليه وسلم- يلتمس أصحابه، فاستقبله المشركون فرموا وجهه فأدموه وكسروا رباعيته «٢» ، والذى جرح وجهه عبد الله بن قمئة، وعتبة بن أبى وقاص أخو سعد هو الذى كسر رباعيته، ومن ثم لم يولد من نسله ولد يبلغ الحنث إلا وهو أبخر أو أهتم- أى مكسور الثنايا من أصلها- يعرف ذلك فى عقبة.

وقال ابن هشام، فى حديث أبى سعيد الخدرى: إن عتبة بن أبى وقاص رمى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يومئذ فكسر رباعيته اليمنى السفلى، وجرح شفته السفلى، وأن عبد الله بن هشام الزهرى شجه فى جبهته وأن ابن قمئة جرح وجنته فدخلت حلقتان من المغفر فى وجنته، ووقع- صلى الله عليه وسلم- فى حفرة من الحفر التى كان أبو عامر الفاسق يكيد بها المسلمين.

وفى رواية: وهشموا البيضة على رأسه «٣» - أي كسروا الخوذة- ورموه بالحجارة حتى سقط لشقه فى حفرة من الحفر التى حفرها أبو عامر، فأخذ على بيده، واحتضنه طلحة بن عبيد الله حتى استوى قائما، ونشبت حلقتان من المغفر فى وجهه، فانتزعهما أبو عبيدة بن الجراح وعض عليهما حتى سقطت ثنيتاه من شدة غوصهما فى وجهه.

وامتص مالك بن سنان- والد أبى سعيد الخدرى- الدم من وجنته ثم


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٠٣٩) فى الجهاد والسير، باب: ما يكره من التنازع والاختلاف فى الحرب، من حديث البراء بن عازب- رضى الله عنه-.
(٢) الرباعية: هى السن التى بين مقدم الأسنان والناب، والحديث أخرجه مسلم (١٧٩٠) فى الجهاد والسير، باب: غزوة أحد من حديث سهل بن سعد- رضى الله عنه-.
(٣) انظر الحديث السابق.