للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال- صلى الله عليه وسلم-: «قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم» «٣» .

ولما انصرف أبو سفيان وأصحابه نادى: إن موعدكم بدر العام القابل، فقال- صلى الله عليه وسلم- لرجل من أصحابه: «قل نعم، هو بيننا وبينكم موعد» «١» .

وذكر الطبرانى: أنه لما انصرف المشركون، خرج النساء إلى الصحابة يعنهم فكانت فاطمة فيمن خرج، فلما لقيت النبى- صلى الله عليه وسلم- اعتنقته وجعلت تغسل جراحاته بالماء فيزداد الدم، فلما رأت ذلك أخذت شيئا من حصير أحرقته بالنار وكمدته به حتى لصق بالجرح فاستمسك الدم «٢» .

ثم أرسل- عليه الصلاة والسلام- محمد بن مسلمة- كما ذكره الواقدى- فنادى فى القتلى: يا سعد بن الربيع، مرة بعد أخرى، فلم يجبه، حتى قال إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أرسلنى إليك، فأجابه بصوت ضعيف، فوجده جريحا فى القتلى وبه رمق فقال: أبلغ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عنى السلام، وقل له: يقول لك، جزاك الله عنا خير ما جزى به نبيّا عن أمته، وأبلغ قومك عنى السلام وقل لهم: لا عذر لكم عند الله أن يخلص إلى نبيكم وفيكم (عين) تطرف، ثم مات «٣» .

وقتل أبو جابر، فما عرف إلا ببنانه «٤» - أى أصابعه، وقيل أطرافها، واحدتها. بنانه.

وخرج- صلى الله عليه وسلم- يلتمس حمزة، فوجده ببطن الوادى، قد بقر بطنه عن كبده، ومثل به فجدع أنفه وأذناه، فنظر- عليه السّلام- إلى شىء لم ينظر إلى شىء أوجع لقلبه منه فقال: «رحمة الله عليك، لقد كنت فعولا للخير، وصولا للرحم، أما والله لأمثلن بسبعين منهم مكانك» قال: فنزلت عليه خواتيم سورة


(١) انظر «السيرة النبوية» لابن هشام (٣/ ١٠٠) .
(٢) قلت: هو عند مسلم (١٧٩٠) فى الجهاد والسير، باب: غزوة أحد، من حديث سهل بن سعد- رضى الله عنه-.
(٣) أخرجه الحاكم فى «مستدركه» (٣/ ٢٢١) ، من حديث زيد بن ثابت- رضى الله عنه- وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(٤) صحيح: والخبر أخرجه البخارى (٤٠٤٨) فى المغازى، باب: غزوة أحد، ومسلم (١٩٠٣) فى الإمارة، باب: ثبوت الجنة للشهيد، من حديث أنس- رضى الله عنه-، إلا أن المقتول عمه أنس بن النضر- رضى الله عنه-، ولم أقف على رواية أبى جابر.