للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى رواية أبى مشعر فى مغازيه: فنزلوا بالرجيع سحرا، فأكلوا تمر عجوة، فسقط نواه بالأرض، وكانوا يسيرون الليل ويكمنون بالنهار، فجاءت امرأة من هذيل ترعى غنما، فرأت النواآت وأنكرت صغرهن، وقالت هذا تمر يثرب فصاحت فى قومها قد أتيتم، فجاؤا فى طلبهم، فوجدوهم قد كمنوا فى الجبل، وتبعوا آثارهم حتى لحقوهم.

وفى رواية ابن سعد: فلم يرع القوم إلا الرجال بأيديهم السيوف قد غشوهم.

فلما أحس بهم عاصم وأصحابه لجئوا إلى فدفد- بفاءين مفتوحتين، ومهملتين، الأولى ساكنة- وهى الرابية المشرفة، فأحاط بهم القوم، فقالوا:

لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا ألانقتل منكم رجلا، فقال عاصم بن ثابت أيها القوم: أما أنا فلا أنزل فى ذمة كافر، ثم قال اللهم أخبر عنا رسولك، فاستجاب الله لعاصم فأخبر رسول الله خبرهم يوم أصيبوا.

فرموهم بالنبل، فقتلوا عاصما، ونزل إليهم على العهد والميثاق: خبيب ابن عدى وزيد بن الدثنة- بفتح الدال المهملة، وكسر المثلاثة، والنون المفتوحة المشددة- وعبد الله بن طارق.

فانطلقوا بخبيب وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بمكة، فابتاع بنو الحارث ابن عامر خبيبا، فلبث خبيب عندهم أسيرا، حتى إذا أجمعوا على قتله استعار من بعض بنات الحارث موسى يستحد بها- يعنى يحلق عانته- فغافلت عن ابن لها صغير فأقبل إليه الصبى فأجلسه عنده فخشيت المرأة أن يقتله، ففزعت، فقال خبيب: ما كنت لأغدر.

قال قالت: والله ما رأيت أسيرا خيرا من خبيب، والله لقد وجدته يأكل قطفا من عنب مثل رأس الرجل، وإنه لموثق بالحديد وما بمكة من ثمرة، وما كان إلا رزقا رزقه الله «١» .


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٤٠٨٦) فى المغازى باب غزوة الرجيع.